سنوات بعمر فتية

سنواتٍ بعُمرِ فتيّة

كان عليّ أن أجوبَ الديار الموحشة

وأسكبَ في النهر دموعي.

سنواتٍ أثمرَ الأترابُ فيها

أسامي وعوائل،

وظلّتْ بذوري تُعاركُ العتمة.

وتردّدْنَ على نوادي المجتمع،

وهزّ لي الأطبّاءُ رؤوسَهم

ومدّوا الأيادي بعدَ طول علاج.

نزفتُ حياتي، وماءَ الحياة،

وانتظرتُ

هاتفاً يَهَبُ البذرةَ دفئاً ونورا

ويُعتِقُ المنفيّ من تيهِه.

ولمْ أَجُدْ بدمي في جهادٍ

ولمْ أتبرّعْ به لصليب

ولمْ أُقَدِّمْهُ لوليّتِنا القمر

أُقايِضُها به أملاً وثقةً وصحّةً تتجدّد.

نزفتُ حياتي، وماءَ الحياة،

وتابعتُ ترحالَ المساء.

وقال الهاتفُ: “طوبى

لمنفيٍّ يهتف المواطنون باسمِهِ بطلا،

ولصحراءَ تؤول إلى أرض موعد،

ولدموعٍ تنقلب ينبوعاً،

ولبزرةٍ مأوى الطيور،

وصومعةٍ مأوى شريدي الديار؛

طوبى لعينينِ مقعّرتينِ تتحدّبان،

ومُهَمْهِمٍ يرتقي المئذنة،

ولعليلةٍ تستنزفُ القوّة من إله.”

وصرختُ: “متى

لكنْ متى؟”

وقال: “يومَ يتلوّنُ الأفق

وتخضرُّ الرُبى؛

يومَ تميّزينَ المنارةَ من أنوار القباب؛

يومَ تلحقينَ بالجمهور

ولا تختفين فيه،

ولا تؤخّرنَّكِ دفشاتٌ

أو يصدّنَّكِ تقريع المقرّبين؛

يومَ تلمسين،

وإن تساءل: مَن؟، قلتِ: أنا.”