غدا إن وجدتني في قمقم

غداً إنْ وجدتُني في قمقمِ

ترفسهُ الأمواجُ تارةً

وتارةً تعالجُهُ الأسماكُ اليقظةُ فتعيا،

هل أندبُ العالمَ الذي أضعت؟

هل أشتُمُ القدرَ الذي اختصرَ الماردَ وشوّهَهُ؟

هل أكسّرُ القمقمَ وأنفلت؟

أم أقبعُ فيه راضياً، كما بِقَصْرِ؟

هل أستغيث بسليمانَ مُستَسمِحاً،

أو أنادي: “إلهي، ابعثِ الصيّاد”؟

أوَلنْ يقولَ إلهي: “ولماذا تُريدُ الانفلات؟”

وبماذا أجيبُ إلهي؟

أأقولُ له: “أعلَّني السأم”؟

وفي أرضِ الناس كان السأم

مُرضعتي، ورفيقَ دراستي، وعشيرَ الصِبا،

وليلةَ زفافي سبقني إلى الفراش.

أأقولُ له “حننتُ إلى الجماعة”؟

إلى جماعة طوّقتْني بذراعها فعضضتُه،

ووهبتْني ما سألتُ فأنكرتُها ثلاثا،

واحتضنَتْني فلم أكنْ منها وكنتُ فيها.

أأقولُ له: “أريدُ أن أنشرَ رسالتي،

وهمّي كان أنْ لا أفعلَ بل أفوه

وأن لا أفوهَ بل أُتَمْتِم،

ولماذا لا أُتَمْتِمُ في قمقمي؟

وبماذا أجيبُ إلهي؟

غداً إن وجدتُني مارداً في قمقمِ

فلنْ أركلَ لحدي

ولن أميل عليه مغتبطاً بخدّي:

بدّلتُ منزلي ولمْ أُبدّل بلدتي.

وسأقبع فيه، سئماً أبكمَ،

ترفسُني الأمواجُ فلا أهتزّ،

وتُدَغدِغُني الأسماكُ فلا ألتفت.

وأظلُّ فيه، محروماً حتى من الذوى،

إلى أن تغوصَ الشبكة

ويفرحَ الصيّاد ثمَّ يرتجف –

وهل أقول له: “انتقِ العرشَ الذي تحب”؟

أم أقول: “اخترِ الميتةَ التي تشاء”؟