كالبرقة في منتصف ليل شتوي

كالبرقةِ في منتصف ليلٍ شتويٍّ

ومَضْتِ،

كالبرقةِ لمعاناً وخطفا،

لا رائدةَ غيثٍ ولا بشرى ربيع.

لمعتِ، ولمعَ الأفق،

واختفيتِ أبداً، وكأنْ ما كانَ ما كان.

فظلَّ للّيلِ اسودادُهُ وللأفقِ حدُّه

وصمتٌ في الكونِ رهيب

لم يُلاشِهِ قصفُ رعدٍ

بل زادَهُ وزادها حلمٌ مَرَّ وزال.

لمحتُكِ

والقلبُ هادئٌ والفكرُ وسنان،

وابتسمتِ.

حرّكتِ هذا وأيقظتِ ذاك،

واختفيتِ.

ما كان أحلاني بعيداً عن الكونِ وعنكِ،

وما أحلاكِ دوماً، وما أحلاكِ.

عرفتُكِ وهل عرفتُكِ

تباشيرَ صباح،

وإذا أنا غيرُ ما عهدتُني:

أذكرُ أمساً طويتُهُ

وأبني على حاضرٍ ملوّن

غداً ما وعاهُ خيال.

عرفتُكِ

فعرّفْتِني على ما جهلتُ عنّي

ونبشتِ لي ما أخفيتُ فيَّ،

وهربتِ.

عرفتُكِ

وأنا إناءٌ من الزهر خلو،

فكنتِ الزهرَ: لكنْ ما كان أسرعَ ما فني،

وأنا ديوانٌ ليس فيهِ شعر،

فكنتِ الشعرَ: لكنْ ما كان أقصر غمرتَهُ،

وأنا هيكلٌ غاب عنه القدس،

فكنتِ القدسَ:

قدساً واشتهيتُكِ.

وغبتِ وغبتِ،

واستكان القلبُ، من غير هدوءٍ

وارتمى الفكرُ، من غير سنة،

ولكنْ أحقّاً أتيتِ؟

وحقّاً كنتِ؟

وكنتُ؟