لا أحد

رَعْدٌ بِلاَ بَرْقٍ يُطَارِدُ غَيْمَةً صُغْرَى تُظَلِّلُ خَيْمَةً سَمْرَا يُطَارِدُهَا هُنَاكَ وَهَاهُنَا وَعْدٌ بِلاَ حَقٍّ بِخْيْطٍ مِنْ ضَبَابٍ طَرَّزَتْهُ الْعَانِسُ الْعُظْمَى وَلاَ أَحَدٌ هُنَاكَ وَلاَ

مَوْتٌ يُسَدَّدُ مِنْ هُنَا حُرًّا وَلاَ أَحَدٌ يَرُدُّ الْمَوْتَ لاَ أَحَدُ

صَمْتٌ يُنَدِّدُ مِنْ هُنَاكَ بِلَهْجَةٍ حَرَّا وَلاَ أَحَدٌ يَصُدُّ الصَّمْتَ لاَ أَحَدُ

حَرْبٌ وَنُذْبَحُ مَرَّةً أُخْرَى وَلاَ أَحَدُ

مِنْ أَقْرِبَاءِ الدَّمِّ يَدْفِنُنَا وَلاَ أَحَدُ

مِنْ أَصْدِقَاءِ الْحُلْمِ يَحْمِلُنَا وَلاَ أَحَدُ

بِنَاقُوسٍ وَرَاءَ الظَّهْرِ يُنْذِرُهُمْ بِمِئْذَنَةٍ وَرَاءَ النَّهْرِ يَنْهَرُهُمْ وَتَجْتَهِدُ

حَرْبٌ عَلَى التَّارِيخِ وَالْجَغْرَافِيَا ابْتَدَأَتْ وَمَا انْطَفَأَتْ وَلاَ أَحَدُ

يَقُولُ كُلَيْمَةً مِنْ فِضَّةٍ تُفْضِي إِلَى نَفَقٍ فَحِيحُ الضَّوْءٍ يُغْوِيهِ بِتُفَّاحٍ يُضَاهِي الدَّمَّ إِغْرَاءً بِفِرْدَوْسٍ وَجُرْحُ الرُّوحِ يَنْضَمِدُ

خَرَسٌ مِنَ الذَّهَبِ الْمُصَفَّى مِنْ أَعَالِي الْبُرْجِ حَتَّى أَخْمَصِ الْمَوْجِ الْمُشَرَّعِ فِي الشَّوَارِعِ لاَ يُرَى أَحَدُ

حَرْبٌ عَلَى حَجَرٍ عَلَى شَجَرٍ عَلَى بَقَرٍ عَلَى بَشَرٍ وَلاَ أَحَدُ

يَرَى امْرَأَةً بِلاَ بَعْلٍ تُعِدُّ عَشَاءَهَا سِرًّا لأُسْرَتِهَا بِلاَ سَمَكٍ بِلاَ خُبْزٍ وَبَاكِيَةً بِلاَ بَصَلٍ تُكَفْكِفُ دَمْعَةَ الأَيْتَامِ فِي بَيْتٍ بِلاَ سَقْفٍ وَلاَ أَحَدُ

يَرَى شَيْخًا يُرَتِّلُ آيَةَ الْكُرْسِي بِلاَ حَتْفٍ وَلاَ أَحَدُ

يَرَى الْفَلاَّحَ يَحْرُثُ أَرْضَهُ السَّمْرَاءَ فِي حُلْمٍ بِلاَ أَرْضٍ وَلاَ أَحَدُ

يَرَى النَّعْنَاعَ يَنْمُو خَارِجَ الدُّنْيَا “يَتِيمًا عَارِيًا حَافِي” بِلاَ حَوْضٍ وَلاَ رَوْضٍ وَلاَ أَحَدُ

يَرَى الأَيَّامَ فِي زَنْزَانَةِ الأَحْلاَمِ تَرْتَعِدُ

يَرَى الأَحْلاَم فِي رُزْنَامَةِ الأَيَّامِ تَبْتَعِدُ

وَلاَ عَيْنٌ مُجَرَّدَةٌ تَرَى الأَشْيَاءَ مِنْ أَشْيَائِهَا أَثَرًا وَرَاءَ الْعَيْنِ تُفْتَقَدُ

تَرَى الإِنْشَاءَ يَذْبَحُنَا عَلَى الشَّاشَاتِ يَوْمِيًّا وَلَيْلِيًّا وَلاَ أَحَدُ

لاَ جُمْعَةٌ يَأْتِي وَلاَ أَحَدُ

أَيْنَ الأُلَى فِي ضَادِنَا اتَّحَدُوا

لَمْ يَبْقَ إِلاَّ الْوَاحِدُ الأَحَدُ