ألا رب لهو آنس ولذاذة

أَلا رُبَّ لَهوٍ آنِسٍ وَلَذاذَةٍ

مِنَ العَيشِ يَغبيهِ الحَياءُ المُسَتَّرُ

تَفَرَّقَ أَخداني وَبانَ حَبايَتي

فَأَيَّ هَواكَ اليَومَ إِذ شَكَّ تُبصِرُ

عَفَت أَكَماتُ السِرِّ مِن أمِّ هاشِمِ

وَكُلُّ دِيارٍ سَوفَ تَعفو وَتَقفِرُ

فَأَقفَرَ مِنها ذو القَطا فَقُراقِرُ

وَأَحياءُ لَيلى فَالأَحَلُّ فَعَرعَرُ

إِلى ذي الحِيافِ ما بِهِ اليَومَ نازِلٌ

وَما حَلَّ مُذ سَبتٌ طويلٌ مُهَجِّرُ

أَماجِدُ أَنَّ القَلبَ رَهنٌ مُتَيَّمٌ

بِهِ سَقَمٌ أَعيا الأَطِبَّةَ مُضمَرُ

تَراءَت لَهُ حَتّى رَجا ثُمَّ أَدبَرَتُ

فَلا هُوَ مَوصولٌ وَلا هُوَ مُقصِرُ

بِساجٍ عَلى المَتنَينِ وَجفٍ كَأَنَّهُ

أَساوِدُ مِنهُ مُرسَلُ وَمُقَصَّرُ

لَقَد كانَ في نوحٍ وَداوُدَ عَبرَةٌ

لِمَن يَأتَسي بِالناسِ أَو يَتَغَيَّرُ

رَأى اللَهُ نوحاً فَاِصطَفاهُ كَرامَةً

وَكانَ اِمرِءاً مِن أُمَّةٍ لَيسَ يُكفَرُ

فَلَمّا عَلا الماءُ الجِبالَ تَحامَلَت

سَفينَةُ نوحٍ وَهوَ فيها يُكَبِّرُ

فَأَمرَعَ بِالجودِيِّ نوحٌ وَقَد بَدا

لَهُ ذِروَةٌ مِن جانِبِ الطَودِ مُجزِرُ

فَأَرسَلَ وَحفاً حالِكاً وَحَمامَةً

وَما مُتَبَغّي الخَير إِلّا مُغَرِّرُ

فَما أَقلَعَت تَرتادُ حَتّى بَدا لَها

قَضيبٌ مِنَ الزَيتونِ يَهتَزُّ أَخضَرُ

فَجاءَت إِلى نوحٍ تَطيرُ بِغُصنِها

فَصَلّى عِلَيها إِذا أَتَتهُ تُبَشِّرُ

صَلاةَ مُجابٍ يَسمَعُ الله صَوتَهُ

وَأَورَثَها أَن لَيسَتِ الدَهرَ تَكبَرُ

فَلَو كانَ إِنسِيٌّ مِنَ المَوتِ مُفلِتاً

لِأَفلَتَ كِسرى الفارِسِيُّ وَقَيصَرُ

وَكانَ سُلَيمانُ بنُ داوودَ عُبِّدَت

لَهُ الجِنُّ تَبني دونَهُ وَتُسَخَّرُ

وَمُلِّكَ ما لا يَملِكُ الناسُ قَبلَهُ

وَلا بَعدَهُ في الدَهرِ وَالدَهرُ أَعصُرُ

فَأَفنى ثَمودَ الحجرِ رَبُّكَ إِنَّهُ

يُعاقِبُ أَقواماً كَثيراً وَيَغفِرُ

وَقَد مَنَعوا سَبتاً مِنَ الدَهرِ لَقحَةً

تَدُرُّ بِرُسلٍ فاضِلٍ ثُمَّ تَصدُرُ