بانت سعاد وليس الود ينصرم

بانَت سُعادُ وَلَيسَ الوُدُّ يَنصَرِمُ

وَداخِلَ الهَمِّ ما لَم تَمضَهِ سَقَمُ

وَصَلتُ مَنزَلَةً قَفراً وَقَفتُ بِها

كَمِثلِها إِذا بِها الأَحياءُ وَالنَعَمُ

عامِيَةً جَرَّتِ الريحُ الذُيولَ بِها

فَقَد تَخَذَّمَها الهِجرانُ وَالقَدَمُ

وَأَمحَلَت بعدَ إِخصابٍ يَدُرُّ بِها

مُنَوِّرٌ رَشَحَت أَطفالَهُ الدِيَمُ

فَلَن يَعودَ إِلَيها أَهلُها أَبَداً

حَتّى يَعودَ لَها أَزمانها القُدُمُ

عُجنا إِلَيها وَما عُجنا لِتُخبِرَنا

إِلّا اللُجاجَةُ وَالوَهمُ الَّذي تَهِمُ

وَلَيسَ يَمنَعُها أَن تَستَجيبَ لَنا

مَعَ العَمى اليَومَ إِلّا العِيّ وَالصَمَمُ

بِها أَخايدُ مِن آثارِ ساكِنِها

كَما تَرَدَّدَ في قَرطاسِهِ القَلَمُ

أَو حالِكٌ في ذِراعَيْ حرةٍ بَذَلَت

لَهُ النَؤورُ وَلَم تَأَل الَّتي تَشِمُ

تَرى الَّذي جَمَعَ المُستَوقِدونَ بِها

مُطَرَّحاً حَيثُ كانَت توضَعُ الحُزَمُ

رُبداً هَوامِدَ حيطَت بِالنُؤِيِّ فَقَد

كادَ التُرابُ عَلَيها الجَونُ يَلتَئِمُ

أَو جاذِباً وَتَدتُهُ الفِهرَ صاحِبُهُ

مِنَ الَّذي كانَ مَعقوداً بِهِ جِذَمُ

لَمّا غَدا الحَيُّ مِن صُرخٍ وَغَيَّبَهُم

مِنَ الرَوابي الَّتي غَربِيُّها الكُمَمُ

ضَلَّت تَطَلَّعُ نَفسي إِثرَهُم طَرَباً

كَأَنَّني مِن هَوهُم شارِبٌ سَدِمُ

مُسطارَةٌ بَكَرَت في الرَأسِ نَشوَتُها

كَأَنَّ شارِبَها قَد مَسَّهُ لَمَمُ

حَتّى تعَرَّضَ أَعلى السيحِ دونَهُم

وَالجُبُّ جُبُّ بَني العَسراءِ وَالهِدَمُ

فَنَكَبّوا الصَوَّةَ اليُسرى فَمالَ بِهِم

عَلى الفَراضِ الجامِل الثَلِمُ

لَولا اِختِباري أَبا حَفصٍ وَطاعَتَهُ

كادَ الهَوى في غَداةِ البَينِ يَغتَرِمُ

لَهُ عَلَيَّ أَيادٍ لَستُ أَكفُرُها

وَإِنَّما الكُفرُ أَلا تُشكَرَ النِعَمُ

إِذا هَبطتُ بِلاداً لا أَراكَ بِها

تَجَهَّمَتني وَحالَت دونَها ظُلَمُ

أَغَرُّ أَروَعُ بهلولٌ أَخو ثِقَةٍ

حُلاحِلٌ مِن ثَراهُ اللَينُ وَالكَرَمُ

في شِدَّةِ العَقدِ وَالحِلمِ الرَزينِ وَفي

القَولِ الثَبيتِ إِذا ما اِستُنَّتِ الكَلِمُ

لا يَتعَبُ الحَكَمُ حتى تَستَبينَ لَهُ

مَواقِعُ الحَقِّ إِنَّ القاضِيَ الفَهِمُ

نَما إِلى السورَةِ العُليا اليَفاعِ فَما

زلت به نعله يوما ولا القدم

حَتّى اِحتَبى بِمَكانٍ تَستَقيدُ لَهُ

عَماعِمُ العَرَبِ المَذكورَةِ العُظُمُ

كانَت لِآبائِهِم مَذكورَةً زَحَموا

عَنها قُرومَ قُرَيشٍ ساعَةً اِزدَحَموا

أَمراً وَلّوهُ فَلَم يَعيَوا بِسُنَّتِهِ

وَحَمَّلوهُ فَما مَلّوا وَلا سَئِموا

إِن يَدهَموا يَطِدوا بِالصَبرِ أَنفُسِهِم

وَلَن يَقومَ لَهُم في الحَربِ مَن دَهِموا

لَو ناضَلوا الناسَ عَن أَحسابِهِم نَضَلوا

وَإِن قَضَوا لَم يَجوروا في الَّذي حَكَموا

في أَنَّ عِندَهُمُ وَاللَهُ فَضَّلَهُم

لِلحَمدِ سوقٌ وَلِلمَظلومِ مُنتَقِمُ

يَزيدُ ذا الشَيبِ مِنهُم شَيبُهُ كَرَماً

وَيَستَنيرُ فَتاهُم حينَ يَحتَلِمُ

وَلا يَشُدُّ عَلى ما في خَزائِنِهِم

قَبضُ الأَنامِلِ إِلّا رَيثَ يُقتَسَمُ

فَزادَهُم رَبُّهُم خَيراً وَفَضَّلَهُم

بِخَيرِ ما فُضِّلَ السُلطانُ وَالأُمَمُ