غدا ولم يقض من سلومة الوطرا

غَدا وَلَم يَقضِ مِن سَلّومَةَ الوَطَرا

وَما تَلَبَّثَ إِذا وَلّى وَما اِنتَظَرا

وَما أَلَمَّ بِحَيِّيها وَجارَتِها

إِلّا لِيُعذَرَ بِالهِجرانِ إِن هُجِرا

لِتَعلَمي بَعدَ ما تَنأى البِلادُ بِنا

أَنَّ الثَوِيَّ الَّذي داوَيتَ قَد شَكَرا

بَهنانَةٌ يَتستَعيرُ القَومَ أَعيُنَهُم

حَتّى تَرُدِّ إِلى ذي النيقَةِ البَصَرى

وَغَيرِ فُحشٍ وَلَيسَ الفُحشُ عادَتَها

إِلّا التَمامَ وَحُسناً بارِعاً ظَهَرا

لَم تَدرِ ما سَيِّئَ الأَخلاقِ مُذ بُرِئَت

خودُ يُوَرِّعُها الراعي إِذا زَجَرا

كانَت تَحِلُّ إِذا ما البَعثُ أَصحَبَها

بَطنَ الخَلاءَةِ فَالآمارِ فَالسُرَرا

حَتّى إِذا الغَيثُ أَلوى نَبتُهُ اِنتَجَعَت

فَخالَطَت مِن سوادِ الغوطَةِ الكُوارا

كَم مِن فَتىً قَد رَأَينا لا سَوامَ لَهُ

ثُمَّ اِقتَنى بَعدَ ذاكَ المالَ وَاِحتَبَرا

وَمُكثِرٍ كانَ ذا مالٍ فَأَذهَبَهُ

تَفريقُ ما يُذهِبُ الأَموالَ فَاِفَتَقَرا

وَلَستُ مُحتَلِباً نَفسي لِيَملِكَها

رَبٌّ عَلَيَّ وَشَرُّ البَيعِ ما خُسِرا

لَقَد أَسيتُ عَلى زَيدٍ وَإِخوَتِهِ

أَسىً طَوَيتُ عَلَيهِ الكَشحَ فَاِضطَمَرا

يَبينُهُ الحَيُّ في وَجهي وَأُخبِرُهُم

أَن لَيسَ يَكرُثُني هَمّي إِذا اِحتَضَرى

وَكَيفَ يَنصُرُني قَومي وَقَد بُنِيَت

بُيوتهُم بِصَفا العَصرَينِ مِن بَسَرا

في مَذحِجٍ وَجُذامِ لا حِقينَ بِهِم

وَالأَشعَرَين وَمَن بِالشامِ مِن مُضَرا

تَبَدَّلوهُم وَكُنّا نَحنُ مَحتِدَهُم

وَالدَهرُ يَحدُثُ بعدَ الأُلفَةِ الغَيَرا

تَأبى لَنا الضَيمَ مَعكاءٌ مُؤَبَّلَةٌ

تَرعى مِنَ القَفَراتِ الناعِمِ النَضِرا

صُهبُ العَثانينِ مَكتوبٌ جَماجِمُها

خورُ الضُروعِ تَغُرُّ الأَوفَرَ الحَشَرا

كَأَنَّما الدَحضُ في أَعلى مَسارِبِها

طُلينَ مِن اَحرُثِ الجَنانَةِ المَدَرا

إِذا تَبادَرَتِ المَعزى صِغارَتِها

غَدَت تُحالِجُ تَحتَ السيرَةِ الشَجَرا

نَقري الضُسوفَ إِذا ما الزادُ ضُنَّ بِهِ

مُسطارُ ماشِيَّةٍ لَم يَعدُ أَن عُصِرا

لبِئسَتِ العَينُ عَينٌ بِتُّ أَتبَعُها

إِذا اِدلَهَمَّ سَوادُ اللَيلِ فَاِعتَكرا

تَغشى الخَبازِ وَفيهِ حَولَهُ سَعَةٌ

وَخَيبَةُ العَينِ أَلا تَبصِرَ الغَدَرا

لَقَد تَباشَرَ أَعدائي بِما لَقِيَت

رِجلي وَكَم مِن كَريمٍ سَيِّدٍ عَثَرا

رِجلي الَّتي كُنتُ أَرقى في الرِكابِ بِها

فَاأَستَقِلَّ وَأَرضى خُطوَها اليَسَرا

مَحبوكَةٌ مِثلُ أُنبوبِ القَناةِ لَها

عَظمٌ تَكَمَّشَ عنهُ اللَحمُ فَاِنحَسَرا

يَنعَونَ صَدعاً بِظُنبوبي كَأَنَّهُمُ

يَنعَونَ سَيِّدَ قَومٍ صادَفَ القَدَرا

فَإِن عَفا اللَهُ عَنّي فَهوَ مُقتَدِرٌ

وَإِن هَلَكتُ فَحُرٌّ صادِقٌ صَبَرا

لَيتَ الَّذي مَسَّ رِجلي كانَ عارِضَةً

بِحَيثُ ينبتُ مِنّي الحاجِبُ الشَعَرا

وَما يُضِرُّ لِساناً كَالسِنانِ إِذا

غَبَّ الكَلامُ أُهيضَ العَظمُ أَم جَبَرا

يا اِبنَ الخَليفَةِ إِنّي قَد تَأَوَّبَني

هَمٌّ أَعانَ عَلَيَّ السُقمَ وَالسَهَرا

فَلا أَنامُ إِذا ما اللَيلُ أَلبَسَني

وَلَو تَغَطَّيتُ حَتّى أَعرِفَ السَحَرا

داوَيتَ ضَيفَكَ حَتّى قامَ مُعتَدِلا

وَرشَتَهُ فَرَآهُ الناسُ قَد جُبِرا

بِالبَزِّ وَالفَرَسِ الحَسناءِ مَوهِبَةً

وَبِاللِقاحِ الصَفايا تَحلِبُ الدِررا

فَإِنَّ بَحرَكَ لا تَجزي البُحورُ بِهِ

وَإِنَّما أَنتَ غَيثٌ طالَما مَطَرا