نزع الفؤاد عن البطالة والصبا

نَزَعَ الفُؤادُ عَنِ البَطالَةِ وَالصِبا

وَقَضى لُبانَتَهُ فَأَقصَرَ وَاِنتَهى

وَأَرَحتُ حِلماً كانَ عَنّي عازِباً

وَلَقَد يَؤولُ إِلى ضَريبَتِهِ الفَتى

وَعَلِمتُ أَنَّ المَرءَ غَيرُ مُخَلَّدٍ

وَالعِلمُ يَشفي قَد عَلِمتُ مِنَ العَمى

وَالشَيبُ يَختَلِسُ الشَبابَ تَخَوُّنا

حَتّى يَعودَ المَرءُ مُنتَقِصَ القُوى

تُنمي إِلى أَقصى الخُطوبِ نُفوسُنا

وَتَعيشُ بِالأَمَلِ المُؤَمَّلِ وَالمُنى

يا مَن يَرى بَرقاً أَرِقتُ لِضَوئِهِ

أَمسى بَلَألَأَ في حَوارِكِهِ العُلى

لَمّا تَلَحلَحَ بِالبَياضِ عَماؤُهُ

حَولَ الغَريفَةِ كادَ يَثوي أَو ثَوى

فَأَصابَ أَيمَنُهُ المَزاهِرَ كُلَّها

وَاِقتَمَّ أَيسَرُهُ أُثَيدَةَ فَالحَشى

يَدنوا فَيَرتَحِلُ الأَكامَ رَبابُهُ

حَتّى إِذا ما قيلَ يَنعَفِرُ اِنغَلى

فَكَأَنَّهُ لَمّا تَكَشَّفَ وَدقُهُ

ظَهرَ السَماوَةِ وَاِستَقَلَّ عَلى اللَوى

رُكنٌ مِنَ الأَحبالِ فيهِ تَعِلَّةٌ

يَرمونَ بِالنيرانِ في خَشَبِ الغَضا

لَجِبُ السَحابِ إِذا أَلَمَّ بِبَلدَةٍ

لَم تَسقِها الأَمطارُ مُذ زَمَنٍ بَكى

وَيَمُجُّ ريقَتَهُ بِكُلِّ تَنوفَةٍ

سَحَّ المَزادُ إِذا تَبَعَّجَ وَاِنفَرى

جَرَتِ الجَنوبُ بِهِ فَمالَ مُياسِراً

حَتّى إِذا بَلَغَ الفَوارِعَ مِن سَوى

وَأَصابَ قُلَّةَ غرَّب بَعَجَت بِهِ

ريحٌ شَآمِيَةٌ فَيامَنَ وَاِنتَحى

فَاِنصَبَ في الأَوداهِ يَلمَعُ بَرقُهُ

طَوراً تَبَيَّنَهُ وَطَوراً لا يَرى

يَذَرُ المَكانَ المُطمَئِنَّ كَأَنَّهُ

بَحرٌ تَجاوَبَ في جَوانِبِهِ الصدى