ومرهنة عند الغراب حبيبه

وَمَرهَنَةٌ عِندَ الغُرابِ حَبيبَهُ

فَأَوفَيتُ مَرهوناً وَخَلَفاً مُسابِيا

أَدَلَّ عَلَيَّ الديكُ إِنّي كَما تَرى

فَأَقبِل عَلى شَأَني وَهاكَ رِدائِيا

أَمِنتُكَ لا تَلبَث مِن الدَهرِ ساعَةً

وَلا نِصفَها حَتّى تَؤوبَ مُآبِيا

وَلا تُدرِ كَنكَ الشَمسُ عِند طُلوعِها

فَأَعلَقَ فيهِم أَو يَطولَ ثَوائِيا

فَرَدَّ الغُرابُ وَالرِداءُ يَحوزَهُ

إِلى الديكِ وَعداً كاذِباً وَأَمانِيا

فَأَيَّةِ ذَنبٍ أَم بِأَيَّةِ حُجَةٍ

أَدعُكَ فَلا تَدعو عَليَّ وَلالِيا

فَإِنّي نَذَرتُ حِجَةً لَن أَعوقَها

فَلا تَدعوَنيَّ دَعوةً مِن وَرائِيا

تَطيرتُ مِنها وَالدُعاءَ يَعوقَني

وَأَزمَعتُ حَجاً أَن أَطيرَ أَماميا

فَلا تَبتَئِس إِنّي مَعَ الصُبحِ باكِرٌ

أُوافي غَدَاً نَحوَ الحَجِيجِ الغَوادِيا

لِحُبِ اِمرِئٍ فاكَهتُهُ قَبلَ حِجَتي

وَآثَرتُ عَمداً شَأنَهُ قَبلَ شانِيا

هُنالِكَ ظَنَّ الدِيكُ إِذ دالَ دَولةٌ

وَطالَ عَليهِ اللَيلَ أَن لا مَغارِيا

فَلَمّا أَضاءَ الصُبحُ طَرَّبَ صَرخَةً

أَلا يا غُرابُ هَل سَمِعتَ نِدائِيا

عَلى وُدِّهِ لَو كانَ ثُمَّ مُجيبَهُ

وَكانَ لَهُ نَدمانَ صِدقٍ مواتِيا

وَأَمى الغُرابُ يَضرِبُ الأَرضَ كُلَّها

عَتيقاً وَأَضحى الديكُ في القِدِ عانِيا

فَذلِكَ مِما أَسهَبَ الخَمرُ لُبَّهُ

وَنادَمُ نِدماناً مِنَ الطَيرِ غاوِيا

وَما ذاكَ إِلاّ الديكُ شارِبُ خَمرَةٍ

نَديمُ غُرابٍ لا يَمَلُّ الحَوانِيا