يقول خليلي إذ أجازت حمولها

يَقولُ خَليلي إِذ أَجازَت حُمولُها

خَوارِجَ مِن شَوطانَ بِالصَبرِ فَاِظفَرِ

فَقُلتُ لَهُ ما مِن عَزاءٍ وَلا أَسىً

بِمُسلٍ فُؤادي عَن هَواها فَأَقصِرِ

وَما مِن لِقاءٍ يُرتَجى بَعدَ هَذِهِ

لَنا وَلَهُم دونَ اِلتِفافِ المُجَمَّرِ

فَهاتِ دَواءً لِلَّذي بي مِنَ الجَوى

وَإِلّا فَدَعني مِن مَلامِكَ وَاِعذِرِ

تَباريحَ لا يَشفي الطَبيبُ الَّذي بِهِ

وَلَيسَ يُؤاتيهِ دَواءُ المُبَشِّرِ

وَطَورَينِ طَوراً يائِسٌ مَن يَعودُهُ

وَطَوراً يُرى في العَينِ كَالمُتَحَيِّرِ

صَريعُ هَوىً ناءَت بِهِ شاهِقِيَّةٌ

هَضيمُ الحَشى حُسّانَةُ المُتَحَسَّرِ

قَطوفٌ أَلوفٌ لِلحِجالِ غَريرَةٌ

وَثيرَةُ ما تَحتَ اِعتِقادِ المُؤَزَّرِ

سَبَتهُ بِوَحفٍ في العِقاصِ مُرَجَّلٍ

أَثيثٍ كَقِنوِ النَخلَةِ المُتَكَوِّرِ

وَخَدٍّ أَسيلٍ كَالوَذِيلَةِ ناعِمٍ

مَتى يَرَهُ راءٍ يُهِلُّ وَيُسحِرُ

وَعَينَي مَهاةٍ في الخَميلَةِ مُطفِلٍ

مُكَحَّلَةٍ تَبغي مَراداً لِجُؤذَرِ

وَتَبسِمُ عَن غَرٍّ شَتيتٍ نَباتُهُ

لَهُ أُشُرٌ كَالأُقحُوانِ المُنَوِّرِ

وَتَخطو عَلى بَردِيَّتَينِ غَذاهُما

سَوائِلُ مِن ذي جَمَّةٍ مُتَحَيِّرِ

مِنَ البيضِ مِكسالُ الضُحى بَختَرِيَّةٌ

ثَقالٌ مَتى تَنهَض إِلى الشَيءِ تَفتِرُ

فَلَمّا عَرَفتُ البَينَ مِنها وَقَبلَهُ

جَرى سانِحٌ لِلعائِفِ المُتَطَيِّرِ

شَكَوتُ إِلى بَكرٍ وَقَد حالَ دونَها

مُنيفٌ مَتى يُنصَب لَهُ الطَرفُ يَحسِرِ

فَقُلتُ أَشِر قالَ اِئتَمِر أَنتَ مُؤيَسٌ

وَلَم يَكبُروا فَوتاً فَما شِئتِ فَأمُرِ

فَقُلتُ اِنطَلِق نَتبَعهُمُ إِنَّ نَظرَةً

إِلَيهِم شِفاءٌ لِلفُؤادِ المُضَمَّرِ

فَرُحنا وَقُلنا لِلغُلامِ اِقضِ حاجَةً

لَنا ثُمَّ أَدرِكنا وَلا تَتَغَبَّرِ

سِراعاً نَغُمُّ الطَيرَ إِن سَنَحَت لَنا

وَإِن يَلقَنا الرُكبانُ لا تَتَحَيَّرِ

فَلَمّا أَضاءَ الفَجرُ عَنّا بَدا لَنا

ذُرى النَخلِ وَالقَصرُ الَّذي دونَ عَزوَرِ

فَقُلتُ اِعتَزِل ذِلَّ الطَريقِ فَإِنَّنا

مَتى نُرَ تَعرِفنا العُيونُ فَنُشهَرِ

فِظِلنا لَدى العَصلاءِ تَلفَحُنا الصَبا

وَظَلَّت مَطايانا بِغَيرِ مُعَصَّرِ

لَدُن غُدوَةٌ حَتّى تَحَيَّنتُ مِنهُمُ

رَواحاً وَلانَ اليَومُ لِلمُتَهَجِّرِ

فَلَمّا أَجَزنا الميلَ مِن بَطنِ رابِغٍ

بَدَت نارُها قَمَراً لِلمُتَنَوِّرِ

فَقُلتُ اِقتَرِب مِن سِربِهِم تَلقَ غَفلَةً

مِنَ الرَكبِ وَاِلبِس لِبسَةَ المُتَنَكِّرِ

فَإِنَّكَ لا تَعبى إِلَيها مُبَلِّغاً

وَإِن تَلقَها دونَ الرِفاقِ فَأَجدِرِ

فَقالَت لِأَترابٍ لَها اِبرَزنَ إِنَّني

أَظُنُّ أَبا الخَطّابِ مِنّا بِمَحضَرِ

قَريباً عَلى سَمتٍ مِنَ القَومِ تُتَّقى

عُيونُهُمُ مِن طائِفينَ وَسُمَّرِ

لَهُ اِختَلَجَت عَيني أَظُنُّ عَشِيَّةً

وَأَقبَلَ ظَبيٌ سانِحٌ كَالمُبَشِّرِ

فَقُلنَ لَها لا بَل تَمَنَّيتِ مُنيَةً

خَلَوتِ بِها عِندَ الهَوى وَالتَذَكُّرِ

فَقالَت لَهُنَّ اِمشينَ إِمّا نُلاقِهِ

كَما قُلتُ أَو نَشفِ النُفوسَ فَنُعذِرُ

وَجِئتُ اِنسِيابَ الأَيمِ في الغيلِ أَتَّقى ال

عُيونَ وَأُخفي الوَطءَ لِلمُتَقَفِّرِ

فَلَمّا اِلتَقَينا رَحَّبَت وَتَبَسَّمَت

تَبَسُّمَ مَسرورٍ وَمَن يَرضَ يُسرَرِ

فَيا طيبَ لَهوٍ ما هُناكَ لَهَوتُهُ

بِمُستَمَعٍ مِنها وَيا حُسنَ مَنظَرِ