أذكرهم الود إن صدوا وإن صدفوا

أذْكِرهمُ الوُدّ إن صَدّوا وإن صَدفُوا

إنّ الكَرامَ إذا استَعطفْتَهُم عَطَفُوا

ولا تُرِدْ شَافعاً إلاّ هَواكَ لَهم

يكفيكَ ما اختَبرُوا منه وما كَشَفُوا

به دنَوتَ وإخلاصُ الهَوى نَسَبٌ

كما نَأيتَ وإفراطُ الهَوَى تَلَفُ

رأى الحسودُ تَدانِي وُدِّنَا فَسَعَى

حتّى غَدتْ بَين دَارينَا نَوىً قُذُفُ

ومَا البعيدُ الّذي تَنأى الدّيارُ به

بَل مَن تَدانَى وعنهُ القلبُ منصرفُ

أجيرةَ القلب والفُسطَاطُ دَارُهُمُ

لم تُصقِبِ الدّارُ لكنْ أصقَبَ الكَلَفُ

أدْنَى التدانِي الهَوَى والدّارُ نازحةٌ

وأبْعدُ البُعد بين الجيرةِ الشَّنَفُ

فارقْتُكُم مُكرَهاً والقلبُ يُخبِرُني

أنْ لَيس لي عِوَضٌ منكمْ ولاَ خَلَفُ

ولو تعوّضتُ بالدّنيا غُبِنتُ وهَل

يَعُوضُني من نَفيس الجوهرِ الصّدفُ

ولستُ أنكِرُ ما يأتِي الزّمانُ به

كُلّ الوَرَى لِرَزَايا دَهرِهم هَدَفُ

كم فَاجأتني اللّيالِي بالخُطوبِ فَما

رَأتْ فُؤادِيَ من رَوْعَاتِها يَجِفُ

واستَرجَعَتْ ما أعَارتْ من مَواهِبِها

فما هَفَا بي عَلَى آثارِهِ اللّهَفُ

ولا أسِفتُ لأمرٍ فاتَ مطلبُهُ

لَكِن لفُرقةِ من فارَقْتُه الأسفُ