ما يريد الشوق من قلب مغنى

ما يُريد الشّوقُ من قلبِ مُغنّى

ذكرَ الأُلاّفَ والوَصلَ فحنّا

حَسبُه ما عندَه من شَوقِه

وكَفاهُ من جَواهُ ما أجَنّا

كلَّما شاهَد شملاً جَامِعاً

طارَ شوقاً وهفَا وجْداً وأنّا

عَاضَهُ الدّهرُ من القُربِ نَوىً

ومن الغِبطةِ بالأحبابِ حُزْنَا

فَرثَي من رَحْمَةٍ عاذلُهُ

ورأى الحاسِدُ فيه ما تَمنّى

ويحَهُ من زَفرةٍ تَعتادُهُ

وهُمومٍ جمّةٍ تَطرقُ وَهْنَا

يا زَمانَ القُربِ سُقياً لَك مِن

زَمنٍ لو كان قُربُ الدّارِ أغْنَى

لم تكُن إلاّ كَظِلٍّ زَائلٍ

والمسَّراتُ تَلاشَى ثُمّ تَفْنى

ساءَنا ما سرَّنا من عيِشِنَا

بعدَ ما رَاق لنا مرأىً ومَجْنَى

فافْتَرقْنا بَعد مَا كُنّا صَدىً

إنْ دَعَوْنَا وكَفَانَا قولُ كُنّا

وكذَا الأيّامُ من عَاداتِها

أنّها تُعقِبُ سَهلَ العيشِ حَزْنَا

خُلُقٌ للدّهرِ ما أولَى امرأً

نعمةً منهُ فملاّهُ وَهَنّا

وكذَا البَاخِلُ ما أسدَى يَداً

قَطُّ إلاّ كَدَّرَ المنَّ ومَنّا

قُل لأحَبابٍ نَأتْ دَارُهُمُ

وعَلى قُربِهمُ أقْرعُ سِنّا

سَاءَ ظَنّي باصْطِبَارِي بعدَكُم

ولقد كنتُ به أُحسِنُ ظَنّا

لأُبِيحَنَّ الجوَى من كَبِدِي

مَوضِعاً لم يُبتذَلْ عِزّا وضَنّا

وأُذِيلَنّ دُموعاً لو رأتْ

فَيضَهُنَّ المزنُ خَالَتْهُنَّ مُزْنَا

أسَفاً لا بل حياءً أنّنِي

بعدَكُم باقٍ وإن أصبحتُ مُضنَى

لا صَفَا لي العيشُ من بَعدِكُمُ

ما تَمادَتْ مُدّةُ البينِ وعِشْنَا

وعَجيبٌ والتّنائِي دُونَكُمُ

أنَّكُم مِنّي إلى قَلبيَ أدْنَى

حيثُ كُنتمْ ففُؤادِي دَارُكُم

وعلى أشباحِكُم أُغمِض جَفْنَا