يا ناق شطت دارهم فحني

يا نَاقُ شطّتْ دَارُهُمْ فَحِنِّي

وأعْلنِي الوجْدَ الّذي تُجِنّي

ما أرزَمَتْ وَهْناً لفقد إلْفِها

إلاّ رَمتْ جَوارِحي بِوَهْنِ

تذكّرتْ ألاّفَها فَهَيَّجَتْ

لاَعِجَ شَوقي وذَكَرْتُ خِدْني

أبكِي اشتياقاً وتَحِنُّ وحْشةً

فَقد شَجانِي حُزنُها وحُزني

حَسْبُكِ قَد طالَ الحنينُ والأسَى

وما أرى طُولَ الحنينِ يُغْنِي

ولا تَمَلّي مِنْ مَسِيرٍ وَسُرىً

في مَهْمَهٍ سَهلٍ وَوَعْرٍ حَزِنِ

حتّى تُناخِي تحتَ بَاناتِ الحِمَى

سَقَى الحِمَى والبانَ صوبُ المُزنِ

أهْوَى الحِمى وأهلَه وبانَه

وإنْ نأيتُ وتنَاءَوْا عَنّي

شَطّوا وشطّتْ بيَ دَارِي عنهُمُ

وهُمْ إلى قَلبيَ أدنَى مِنّي

لم يُذكَروا لي قَطّ إلا امتلأتْ

بالدّمعِ أجفانِي وقَالتْ قَطْني

وهُم أعزُّ إن نأوْا وإنْ دَنَوْا

مما حَوى خِلْبي وضَمّ جَفْنِي

نَفسي فِداءُ من أُوَرِّي بالحِمَى

والبَانِ عن أسْمَائِهمْ وأَكْنِي

هُمُ إذا قُلتُ سقَى أرضَ الحِمَى

وبَانَه صوبُ الحيَا مَن أعْنِي

ضَنّا بِهم عن أَنْ يطورَ ذكْرُهُم

بمَسْمَعٍ وَهُمْ مكانُ الضّنّ

أحبَبْتُهُم من قَبلِ يَنْجابُ دُجَى

فَودِي عن الصّبحِ ويَذوِي غُصْنِي

حُبّاً جَرَى مَجرى الحياةِ من دَمِي

أصَمَّ عن كلِّ نصيحٍ أُذنِي

فلو تَعوّضتُ بهم عَصْرَ الصِّبَا

لَبانَ في صَفقَةِ بَيْعِي غَبْنِي

فَارقتُهم أشْغَفَ ما كنتُ بِهِم

وعُدتُ قد أدمَتْ بَنَانِي سِنّي

أُلْزِمُ كفَّيَّ فُؤاداً مَالَهُ

من بَعدهم رَوْحٌ سِوَى التّمنِّي

لكنّني أدعُو لجمعِ شَمْلِنا

مُسيِّرَ الشُّهْبِ ومُجري السّفْنِ