على عاتقيه رزايا الدهور

على عاتقيه رزايا الدهور

فلا تعجبن لظهر حُنى

رزايا أزالت نضارة وجهٍ

فلا يُستفَزُّ ولا ينثنى

فأين السرور وأين الرجاء

وكل بهيج ومستحسن

وأين الهموم وأين الغموم

وكل شعور بها قد فنى

فمن دسَّ فيه سموم الخمول

وأطفأ منه الضياء السنى

أهذا براه إله البرايا

ومن قاس ذا الكون شبراً فشبرا

أهذا خلاصة كلّ الوجو

د عميد الخلائق برّاً وبحرا

إمام النجوم ومحصى النجو

م وجالى الغوامض بطناً وظهرا

أهذا عناه إله السما

ء أهذا قضاه فأحكم أمرَا

بوجه كئيبٍ وظهرٍ حديبٍ

وعقلٍ عقيمٍ ورأىٍ سقيم

خلاصة ظلم وزبدة غرم

وعنوان كلّ وضيعٍ أثيم

ولكن في الصخر ناراً وفيه

بوادر شرٍّ وهمٍّ مقيم

ولا بدَّ للنار ما تلتظى

وللشرُّ عقبى لكلّ ظلوم

فأين الملائك منه وقد صا

ر عبداً لرفشٍ وعبداً لفاس

وأين العلوم وأين الفنو

ن مبادى الحساب وحكم القياس

جمال الرياض وظلّ الغياض

وسجع الطيور وحبّ الأناس

عصورُ المظالم فيه تجلَّت

وقد شاب فوداه ممَّا يقاسى

عظام من الظلم لانت فأضّت

جموع من الجور باتت تنادى

ملوك الأنام قضاة الزمان

بماذا تجيبون يوم المعاد

أهذا وديعة ربّ السما

ء يبيتُ على مثل شوك القتاد

بجسمٍ ضئيلٍ ووجهٍ كئيبٍ

رفيق الوحوش حليف السهاد

بماذا يقوَّم ظهر حناه

بماذا تنيرون وجهاً عبوسا

وأى فؤاد يلاقى سروراً

ولم يلق في العمر إلاّ نحوسا

بماذا تزيلون ذكر المحازى

وقد عمَّت الأرض من قبل موسى

مخازٍ توالت وصالت فصارت

على اللحم دوداً وفي العظم سوسا