لبيك فاسمع حديثا كله عجب

لبَّيك فاسمع حديثاً كلهُ عجبُ

قامت بتأييدهِ الآثارُ والكتبُ

شمسُ الحضارة كانت فوق مصركُم

تحيي وتنمي وتوحي ليس تحتجبُ

والغرب يخبط في الديجور معتسفاً

لا شمس في جوّهِ تبدو ولا شهبُ

فآل فرعون لبَّى النيل أمرهُم

وتربهم عنبر يجري بهِ الضربُ

ملوكهم عدلوا في الناس أو ظلموا

سادوا وشادوا فلا هدم ولا خرَبُ

وعاهدوا حدثان الدهر أو ظلموا

مجرى الحوادث فانقادت كما ارتقبوا

أهرامهم راسخات لا يلمُّ بها

ريب ولو كرّت الأيام والحقب

وآلُ اشور اجروا من فراتهم

جداول التبر قاخضلَّت بها الترب

وشيدوا مدناً عصماءَ لو نزلت

بها الكواكب لاحتفَّت بها القبب

أبراجهم ونجوم الليل في حُبُكٍ

أسوارهم من بروج الشمس تقترب

كم فيلق عبأُوا كم دولة سحقوا

فالشام دانت لهم والروم والعرب

وآل صيداءَ مع صور ودولتهم

سلطانة البحر ان قالوا أو انتسبوا

الانكليز على منوالهم نسجوا

والروم قبلهمُ في لحقهم رغبوا

خاضت سفائنهم قلب المحيط وفي

أقصى البوادي نرى روادهم ضربوا

سل قرطجنَّة أو سل قادساً وكذا

أرض المتابيل حيث العاج والذهب

مستعمرات لهم في كل ناحية

يا جودها كرمة يا طيبةُ عنبُ

كرَّت قرون وشمس الشرق مشرقة

والغرب في ظلمات الجهل يضطرب

لكنما النُجحُ يأتي بعدهُ بطرٌ

وآفة المفلحين اللهو واللَّعبُ

فنام أولاد من جدًّوا ومن وجدوا

وقام أولاد أهل الغرب واطَّلبوا

وكان من أمرهم ان انجبوا بطلاً

دانت لهُ السمرُ والهندية القُضُبُ

خرّيجُ مدرسةٍ تلميذُ فلسفة

والعلم مع طمع يغري ويختلب

قضى على الفرس أرضى مصر ثم بنى

مدينة لاسمه تعزى وتنتسبُ

اسكندر البطل المغوار والبطر

القاضي على نفسهِ إذ سادهُ الغضب

كأس سقاها وكاس أوردتهُ ردى

والملك للهِ لا يعطاهُ مغتصب

سمٌّ سرى في عروق الشرق ما فتئت

آثارهُ فيهِ تذكيهِ فيلتهبُ

في فترة الدهر بينا الشرق محتضر

والغرب مضطرب والعلم محتسب

قامت دمشق وبغداد وقاهرة

فأدرك الناس ما يبغون أو قربوا

لكنهم جعلوا الأقمار رائدهم

بدر محلق أو التقريب والخبب

يوماً مدارسهم بالعلم حافلة

وآخر فتنة تغشى بها الكرب

بنو أميَّة فيهم قال سيدهم

لم يتركوا هامة إلاَّ بها ضربوا

فاقتصَّ منهم بنو العباس ثم جروا

في اثرهم شططاً من بعد ما نكبوا

بنو أمية نال السيف هامتهم

والهاشميون قتلا جلّهم ذهبوا

والفاطميون يكفي فعل حاكمهم

تالله ما يفعل الأجداد والنسب

والغرب قامت لهُ في المجد قائمة

فساد من ساكنيهِ النبع والغرَب

من آل صقلب والإفرنج كلهم

والقوط والهنُّ والسكسون والعصب

تداولوا الملك لم تأخذهم سنة

وعززوا العلم لم يمنعهمُ نَصَبُ

مرَّت بهم أعصر أخنت بكلكلها

ديجورها مطبق أنوارهُ سحب

لكنهم مزقوها مثخنين بها

بصارم لا شبا فيهِ ولا شطب

بصارم العلم نور العقل فاغتبطت

أقوامهم واستعزَّ العلم والأدب

يا شمس هل زورة منك فتنعشنا

في الشرق قد بُعثت أبناؤُك النجب

عودي إلينا وإلاَّ فالحياة ضنًى

والعيش موت وتطلاب العلى عطب