عاصمة الغمام

إلى نزار قباني

قبل أن نأكل ظلّه..

بردٌ

وما في الكأس لا يكفي

لنصحو من براءتنا تماماً يا دمشقُ

ولا الندى يكفي لعرس العشبِ

داستْ فوق أحلام الفراشاتِ القوافلُ

واستراح البحرُ

في نزف المسافةِ

بين شباك القصيدة؛ والرمادْ

ها حبّةُ المطر الأخيرةُ

تطرد الوجه المكسّر من مرايا الماءِ

تتركه على سطح اليباسِ

وتعبر الوقت الأخيرَ

بظلِّ نهرٍ لا ينام على تراتيل البلادْ

ها شرفة الألوان تصعدُ

من يطلُّ على السنابلِ؟

من يقود الحبَّ في عتم الأزقةِ

من يزيّنُ شارع العشاق بالفوضى

ومن سيقول للأنثى: أحبكِ؟!!

أيها اللغةُ الخرابُ

الآن تصفرُّ العناقيدُ النبيذُ

ويسقط الرمّان عن شفة الحوارِ

يغادر المقهى خرائطهُ

وينشر نكهة المنفى على حبل الكلامْ..

وغداً

سيحملكَ الحمام إليكَ في عتب الحمامْ..

يا من جرحتَ بوردكَ الطفليِّ أنظمة الرخامِ

ولم يُجرِّحْكَ الرخامْ..

يا بوح طين الناسِ

يا همس الشوارع للخطا

يا ضحكة الأمويِّ

أقفرتِ المآذنُ

لم يعد في الشام عشاقٌ.. ولا في العشق شامْ..

يا من توحّدُ في الشتات عواصم الدنيا

وترجع عارياً

في كفكَ الأعلى مكاتيبٌ

وفي دمنا دموعْ..

وغداً

ستعبر فوق بستان القصائد غابةٌ أخرى

وتنكسر الضلوعْ..

وغداً

سيطحنكَ الزحامْ

قُتلَ الإمامْ

وعلى هديل الفجر في عينيكَ أطفأنا الشموعْ

فانثرْ قصيدكَ فوقنا.. كيلا نجوعْ..

هي آخر الأشواقِ

فارتجل البنفسجَ

كي نمدَّ على ظلالك وقتنا

وننام.. حتى الأغنياتْ

ها عرّش الليمون فوق وجوهنا

واغتالنا نور الحياة..

فارفع أغانيك الأخيرة فوق مئذنة السلامْ

همْ يبحثون عن السلام هنا

وأنتَ هناكَ.. يا من لا نحبكَ

أنت.. عاصمة الغمامْ