عبير

الشمسُ خبزي والتراب حريرُ

والليل أنثى، والحقولُ سريرُ

والحُلْمُ أسطولٌ يسافر في الندى

خلف الصباحِ، ولا يعودُ سفيرُ

والسّلْمُ وجهٌ في الشوارعِ رائعٌ

وبداخلي كلّ الحروبِ تدورُ

الجوعُ ينبتُ في شقوق غرائزي

فأقصُّ صوت الجوع حين يثورُ

والبرد يسري في العروقِ مُسيَّجاً

وطني، ويسري في العروق سعيرُ

والموتُ يسرقُ كلٌ يومٍ دمعةً

حتى البكاءُ على الفقير كثيرُ

يامن لعينيها أقاتلُ خيبتي

عامان مرَّا والشراع ضريرُ

عامان مارفَّ الجناح فما لنا

أرضٌ نحطُّ ولا سماءَ نطيرُ

عامان، أذبحُ فرخ حنجرتي لكي

يصحو الأسير.. فلا يفيقُ أسيرُ

حتى القوافل لم تعدْ بزجاجةٍ

فيها من الضوء النبيل بذورُ

ماذا سأزرع في بلاد دمي إذاً

لا قمحَ في كفّي سواكِ يُنيرُ

فأنا لطعم نخيل رفضكِ أنتمي

وأنا بِرِقّي في هواكِ.. أميرُ

فقفي على حدِّ البراءة غيمةً

وأنا على حدِّ النزيفِ أسيرُ

وأنا أصوغكِ من رمادي كوكباً

وطناً لكلِّ المتعبين يصيرُ

يا آخر الطلقاتِ لا تستسلمي

فلربّما فلَّ الحديد ضميرُ

أو ربّما يجلي الصحونَ فرزدقٌ

ويصفُّها للمتخمين جريرُ

أُممٌ تُباعُ على الرصيفَ وتُشْترى

وتُقامُ من ثمن الدماءِ قصورُ

ولربّما تمسي الأمومةُ غُربةً

ويشيلُ غُربةَ جُنحهِ العصفورُ

لكنَّ شيئاً ما سيسألُ : من أنا؟

فأدورُ ثمَّ أدورُ ثم أدورُ

وأقول للشيء الذي في داخلي

من أنتَ يا وطني؟.. تقوم عبيرُ