مستودع الموتى

لا تقلقوا

كلُّ الذين جمعتهم حولي

على حُبِّ الرصيف

تفرقوا..

لا تقلقوا

مادام للجدران آذانٌ

وللكفين قيدُ

مادام ينبت في قلوب الناس حقدُ

مادام للمسجون آهاتٌ

وللسجان زندُ

الطين يكفي

كي يزيل الناس آثار النهار عن البيوتْ

الطين يكفي

كي نموتْ..

والشارع المهزوم ـ يا الله ـ يطردني

لأني كنتُ برداناً

وأقسمُ

أنَّ هذا العمر بردُ..

***

مرّي على الجسد الفقير

بكعب نهدكِ

كي أرى أمي تصلي

في المنامْ..

مرّي على شباك قُبّتنا

وبوسي وجهيَ الغافي

على برج الحمامْ..

مرّي على صوتي المؤجل

في مساءات المآذنْ

قولي له:

لا شيءَ عن لا شيءَ

لكنْ

لست أدري

عندما نبكي

لماذا يخرج الجيش النظاميُّ إلى قبر الشهيدِ

ويدخل الجيش القطاميُّ الوريدَ

ولست أدري

عندما نبكي

لماذا كلُّ صوتٍ

وَقْعُ أحذيةٍ

وكلُّ مساحة الأحزان…. جندُ؟!..

هل نحن فاجأنا السماءَ

أم التراب يخونُ

أم كان الذي ما منه بدُّ؟

سمّيته ورداً

فمات على يد السيّاف وردُ

هل أنت يا وطني أبي

أم أنني شيءٌ على شيءٍ يُردُّ؟

وأنا على صبّار جرحك

حين أسجدُ

أنتمي

ويطير من قلبي إلى عينيك… وعدُ

وأنا خلاياك الأصيلة والبديلةُ

فاعبر الشفق المرير

إلى صلاتكْ..

واترك لنا سفراً

يشفُّ عن احتمالْ

واترك لنا أفقاً

لنعدو..

***

الناس فوق الناس

أكوامٌ من اللحم المشقّق والعذابْ

الناس من تعبٍ

ووجهك من غيابْ

وتراثنا

عرشٌ على مستودع الموتى

وفوق العرش فردُ..

شقِّي الثياب إذاً

لأشهد

أنَّ هذا النهد صوفيٌّ

وأنّ خلافنا الدينيَّ والقوميَّ

محوره الفحولةُ

حين يحكم كلَّ هذي الأرض

مفعولٌ بهِ..

وبنا..

ونهدُ!!