وكنت أبي

إلى روح عبد العزيز الحمصي

أبي الآخر

وترحلُ

حافلاً بالعمرِ

مفتوناً بما لم كان

عيناك انبعاث الصيفِ

في خوخ الندى المسفوحِ

قرب مناجل الأيامِ

ما عاد الحصاد المرُّ

يغري بالعصافيرِ..

***

وترحلُ

مفعماً بالبحرِ

راية دربك الأشجارُ

أجيالٌ من الأعشابِ

نامتْ في سرير الظلِّ

تحت مصيركَ العالي

ويا موتاً

يسير إلى بدايتهِ

بطول الرمح..

مخضلَّ الأسارير..

***

وترحلُ

لم يكن عبثاً نزيف النهرِ

حين جرحتَ صمت الأرضِ

بالفوضى

وحين كسرتَ فوضى الصوت

بالصمتِ

وحين منحتَ قبح العمرِ

وجهاً

رائع الموتِ

وحين نزحتَ من عينيكَ

كي آوي…

إلى بيتي!..

***

وترحلُ

يا الذي ما جئتَ

سحقاً للذين أتوا من النسيانِ

أولاداً

بلا شَغَبِ..

لهم ما كان من عنبٍ

وأعرفُ

أنَّ سرَّ الخمرِ

أنكَ كنتَ في العنبِ!..

***

وترحلُ

لا سماء هنا

ولا حدٌّ

سيكفي كي ينام الإسمُ

إسمكَ

لم يكن مطراً

ولكنْ.. قُدَّ من تَعَبِ..

أنا أبكي

وأنت على سرير الخوفِ

تغري الدمع بالطربِ!..

رأيتُ الله في عينيك

حين سكبتَ للأحفادِ

روحكَ

داخل اللُّعَبِ!..

***

وترحلُ

مستمرَّ اللون

نذهب كلما جعنا

إلى كهف الهوى المسحور

نوقد غصة الذكرى

ونذهب مرةً أخرى…

ولا شيءٌ….

سوى أني

عرفتُ الآنَ

أنكَ..

أنتَ..

كنتَ..

أبي!!!

اليونسية