ألا يا صبا نجد لقد هجت من نجد

أَلا يا صَبا نَجدٍ لَقَد هِجتُ مِن نَجدِ

فَهَيَّجَ لي مَسراكَ وَجداً عَلى وَجدِ

أَإِن هَتَفَت وَرقاءُ في رَونَقِ الضُحى

عَلى فَنَنٍ غَضِّ النَباتِ مِنَ الرَندِ

بَكَيتُ كَما يَبكي الحَزينُ صَبابَةً

وَذُبتُ مِنَ الحُزنِ المُبَرِّحِ وَالجَهدِ

أَلا هَل مِنَ البَينِ المُفَرِّقِ مِن بُدٍّ

وَهَل لِلَيالٍ قَد تَسَلَّفنَ مِن رَدِّ

وَهَل مِثلُ أَيّامي بِنَعفِ سُوَيقَةٍ

رَواجِعُ أَيّامٍ كَما كُنَّ بِالسَعدِ

وَهَل أَخَوايَ اليَومَ إِن قُلتَ عَرِّجا

عَلى الأَثلِ مِن وِدّانَ وَالمَشرَبِ البَردِ

مُقيمانِ حَتّى يَقضِيا لي لُبانَةً

فَيَستَوجِبا أَجري وَيَستَكمِلا حَمدي

وَإِلّا فَروحا وَالسَلامُ عَلَيكُما

فَما لَكُما غِيِّي وَما لَكُما رُشدي

وَما بِيَدي اليَومَ حَبلي الَّذي

أُنازِعُ مِن إِرخائِهِ لا وَلا شَدِّ

وَلَكِن بِكَفّي أُمَّ عَمروٍ فَلَيتَها

إِذا وَلِيَت رَهناً تِلي الرَهنَ بِالقَصدِ

وَيا لَيتَ شِعري ما الَّذي تَحدِثنَ لي

نَوى غُربَةٍ بَعدَ المَشَقَّةِ وَالبُعدِ

نَوى أُمِّ عَمروٍ حَيثُ تَقتَرِبُ النَوى

بِها ثُمَّ يَخلو الكاشِحونَ بِها بَعدي

أَتَصرُمُني عِندَ الَّذينَ هُمُ العِدا

لِتُشمِتَهُم بي أَم تَدومُ عَلى الوِدِ

وَظَنّي بِها وَاللَهِ أَن لَن يَضيرَني

وُشاةٌ لَدَيها لا يَضيرونَها عِندي

وَقَد زَعَموا أَنَّ المُحِبَّ إِذا دَنا

يُمِلُّ وَأَنَّ النَأيَ يُشفي مِنَ الوَجدِ

بِكُلٍّ تَداوَينا فَلَم يُشفَ ما بِنا

عَلى أَنَّ قُربَ الدارِ خَيرٌ مِنَ البُعدِ

هَوايَ بِهَذا الغَورِ غَورِ تَهامَةٍ

وَلَيسَ بِهَذا الجَلسِ مِن مُستَوى نَجدِ

فَوَاللَهِ رَبِّ البَيتِ لا تَجِدِينَني

تَطَلَّبتُ قَطعَ الحَبلِ مِنكِ عَلى عَمدِ

وَلا أَشتَري أَمراً يَكونُ قَطيعَةٌ

لِما بَينَنا حَتّى أُغَيَّبَ في لَحدي

فَمِن حُبِّها أَحبَبتُ مَن لَيسَ عِندَهُ

يَدٌ بِيَدٍ تُجزي وَلا مِنَّةٌ عِندي

أَلا رُبَّما أَهدى لِيَ الشَوقَ وَالجَوى

عَلى النَأيِ مِنها ذِكرَةٌ قَلَّما تُجدي

تَذَكَّرتُ ذاتَ الخالِ مِن فَرطِ حُبِّها

ضُحى وَالقِلاصِ اليَعمُلاتِ بِنا تَخدي

فَما مَلَكَت عَينايَ حينَ ذَكَرتُها

دُموعَهُما حَتّى اِنحَدَرنَ عَلى خَدّي

فَأَنَّبَني صَحبي وَقالوا أَمِن هَوى

بَكَيتَ وَلَو كانوا هُمُ وَجَدوا وَجدي

وَقالوا لَقَد كُنّا نَعُدُّكَ مَرَّةً

جَليداً وَما هَذا بِفِعلِ فَتىً جَلدِ

أَلا لا تَلوماني فَلَستُ وَإِن نَأتِ

بِمُنصَرِمٍ عَنها هَوايَ وَلا وُدّي

أَلَم تَعلَما أَنَّ الرَعابيبَ لَم تَزَل

مَفاتينَ قَبلي لِلكُهولِ وَلِلمُردِ

فَإِن أَغوَ لا تَكتُب عَلَيكُم غِوايَتي

أَجَل لا وَإِن أَرشُد فَلَيسَ لَكُم رُشدي

وَإِنَّ لِذاتِ الخالِ يا صاحِ زَلفَةً

وَمَنزِلَةٌ ما نالَها أَحَدٌ عِندي

سَلي عَنِيَ النُدمانَ حينَ يَقولُ لي

أَخو الكَأسِ مانِ القَومِ في الخَيرِ أَورِدِ

تَراءَت وَأَستارٌ مِنَ البَيتِ دونَها

إِلَينا وَحانَت غَفلَةُ المُتَفَقِّدِ

بِعَينَي مَهاةٌ تَحدُرُ الدَمعَ مِنهُما

بِريمَينِ شَتّى مِن دُموعٍ وَإِثمِدِ