لا حزن إلا أراه دون ما أجد

لا حُزنَ إلّا أراه دون ما أجدُ

وهل كمن فقدت عيناي مفتقَدُ

لا يبعدَن هالكٌ كانت منيّتهُ

كما هوى عن غطاء الزبيةِ الأسدُ

لا يدفعُ الناس ضيماً بعد ليلتهم

إذ لا تمَدُّ إلى الجاني عليك يدُ

لو أنّ سيفي وعقلي حاضران له

أبليتهُ الجهد إذ لم يبله أحدُ

جاءت منيّته والعينُ هاجعةٌ

هلّا أتته المنايا والقنا قصد

هلّا أتته أعاديه مجاهرةً

والحربُ تسعر والأبطالُ تجتلد

فخرّ فوقَ سرير الملك منجدلاً

لم يحمه ملكه لمّا انقضى الأمَدُ

قد كان أنصارُه يحمون حوزتَهُ

وللردى دون أرصاد الفتى رصَدُ

وأصبح الناس فوضى يعجبون له

ليثاً صريعاً تنزّى حولهُ النقَدُ

علتكَ أسيافُ من لا دونهُ أحَدٌ

وليسَ فوقَكَ إلّا الواحدُ الصمَدُ

جاءوا عظيماً لدنيا يسعدون بها

فقد شقوا بالذي جاءوا وما سعدوا

ضجّت نساؤكَ بعد العزّ حين رأت

خدّاً كريماً عليهِ قارِتٌ جسِدُ

أضحى شهيدُ بني العباس موعظةً

لكلّ ذي عزّةٍ في رأسهِ صيَدُ

خليفةٌ لم ينل ما نالَهُ أحدٌ

ولم يضع مثلَهُ روحٌ ولا جسد

كم في أديمك من فوهاء هادرةٍ

من الجوائفِ يغلي فوقَها الزبَدُ

إذا بكيتَ فإنّ الدمعَ منهملٌ

وإن رثيتَ فأنَ القول مطرِدُ

إنّا فقدناكَ حتى لا اصطبار لنا

وماتَ قبلك أقوامٌ فما فُقدوا

قد كنتُ أسرِفُ في مالي وتخلف لي

فعلّمتني الليالي كيف أقتصدُ

لمّا اعتقدتُم أناساً لا حلوم لهم

ضعتم وضيّعتم من كان يعتَقَدُ

ولو جعلتُم على الأحرار نعمتُكم

حمَتكم السادةُ المذكورةُ الحُشُدُ

قومٌ هم الجذمُ والأنسابُ تجمعُهُم

والمجد والدين والأحلامُ والبلدُ

إنّ العبيدَ إذا أذللتهم صلحوا

على الهوان وإن أكرمتَهُم فسدوا

ما عندَ عبدٍ لمن رجّاهُ محتملٌ

ولا على العبد عند الحرب معتمدُ

فاجعل عبيدكَ أوتاداً مشمّخةً

لا يثبت البيتُ حتى يقرعَ الوتدُ

إذا قريشٌ أرادوا شدَ ملكهمُ

بغير قحطانَ لم يبرح بهِ أوَدُ

قد وتِرَ الناس طُرّاً ثمّ قد صمتوا

حتّى كأَنّ الذي نيلرا به رشَدُ

من الأُلى وهبوا للمجد أنفسَهم

فما يبالونَ ما نالوا إذا حمدوا