من كالجزائر

بجزائرِ الخيراتِ والأمجاد طابَ لنا المقامُ

وهي التي حنَّ الفؤادُ لها وفاضَ به غرام

فالصدرُ منشرحٌ بها، وعلى مُحَيَّانا ابتسام

مَن كالجزائر؟ كلما ذُكرتْ بطولاتٌ جِسام

صغُرَ الكبيرُ، وطَأطأ المختالُ، وانحَبس الكلام

مَن كالجزائر؟ من رحيق جِنانها مسكٌ ختام

من كالجزائر إذ ذُرا «الأَوْراسِ» طاولها الغمام

من كالجزائر؟ إذ كنوز رمالها تبرٌ وخام

وطَنُ الأماجد، بل عَرينٌ ما به خُفِرتْ ذِمام

أمجادُه أنِستْ لها مصرٌ وتونسُ والشآم

نَسيَتْ بها «الزوراءُ» بلواها ورقَّ بها مَقام

وله بخنجرها انتخت «صنعاءُ» وانتفضت «شبام»

وبنيّةِ النصر المبين دعا له البيتُ الحرام

ما للمجاهدةِ الوضيئةِ لفَّها حَلَكٌ ظلام

ما للأبيّة، في الحِمى لنحورها ارتدَّ الحسام

وجَنانُها دَغَلٌ به قد عشعشَ الموتُ الزُّؤَام

وتحَيَّر الشهداء في «الأوراس» ما هذا القَتام؟

فبها الذُّرا كسفوحها لكأنما ثكلى أَيَام

وكأنما ما غرَّد القُمريُّ بل ناح اليَمَام

من كالجزائر في تصاريفِ الزمانِ، بها ضِرام؟

صبَرتْ على بَلْوائها دهرًا، وبلواها سَقام

والداءُ في أحشائها، بالسُّوس قد نُخرت عظام

أهُو العدوُّ؟ أم العبادُ؟ أم الحشود؟ أم النظام؟

أهمُ العتاة؟ أم الرعاةُ؟ أم الصقورُ؟ أم الحَمام؟

عَرَبٌ، أمازيغٌ همُ الإخوانُ فُرقَتُهُم حرام

يأبى عليهم «عقبةٌ» أو «طارقٌ» ذاك الهُمَام

حتى وإن رضي الفِرنجَة كُلُّهمُ والعمُّ سَام

تأبى عليهم قِبلةُ التوحيد، دينُهم السلام

تأبى عليهم عروةٌ وثقى وليس لها انفصام

داجٍ بهيمٌ ليلُهُمِ من هوله شابَ الغلام

فمتى يُقال قد انجلى ويحلُّ بينهمُ الوِئام؟

…………………………………………..