أتى زائرا وهنا ولم يخش عاذلا

أتى زائرا وَهْناً ولم يَخْشَ عاذِلا

ونورُ ذُكاءِ الأُفْقِ سار مَراحِلاَ

وجادَ بِما لو رُمْتُه من خيالهِ

لكان لما أوْلَى مِن الوصْلِ باخِلاَ

حبيبٌ لَو أنَّ البدرَ أصْبَح حائزاً

ضِياءَ مُحيَّاهُ لما زال كامِلاَ

رَشِيقٌ كخُوطِ الخَيْزُرانةِ ما انْثَنَى

وما مالَ إلاّ وانثنى القلْبُ مائلا

يُحرِّكُ بالأعْطافِ أجْنحِةَ الهوَى

إذا حرَّكَتْ من فَوْقهِنَّ الغلائلا

فبِتُّ أُعاطِيهِ سُلافَ مُدامةٍ

تَرُدُّ الدَّياجي من سَناهُ أصائِلاَ

إذا بَزَغَتْ مِن راحَتَيْهِ بَدا مِنَ السَّـ

ـرُورِ لنا ما كان مِن قَبْلُ آفِلاَ

إلى أن نَضَا ثَوْبَ الشَّبابِ الدُّجَى وقَدْ

غدتْ زُهْرُه إلا قَليلاً أوافِلاَ

وذُو الرَّعَثاتِ الحُمْرِ هَبَّ كأنَّما

عليه ضَياءُ الفَجْرِ شامَ مَناصِلاَ

فكبَّر مَولاهُ وهلَّل إذْ رأَى

هَزِيعَ الدُّجى الزِّنْجِيِّ أدْبر راحِلاَ

وقام بجَيْشٍ مِن ذَوِيه كأنه

وإياهم كِسْرَى يحُثُّ القبائِلاَ

على قُضُبِ العِقْيآنِ يَمْشِي مُجَلْبَباً

جلاَبِيبَ مثْلَ الرَّوْض مازال حافِلاَ

فَسرْنا إلى نادٍ رَحِيبٍ سماؤُه

تُرِيكَ بُدُوراً مُشْرِقاتٍ كَوامِلاَ

إلى منْزلٍ للأُنْسِ فيه منازلٌ

بِهنَّ غَدَا حُسْناً يفُوقُ المنازِلاَ

حكَى دَنِفاً أحْشاؤُه قد تَضَرَّمتْ

بنارِ الأسَى لو كان يشْكُو البَلابلاَ

به يبْذُلُ الحسنَ المصُونَ لمن بِهِ

وفي غيره لو كان ما كان باذلاَ

ترَى جُدْرَه كالعاشقين من الجوَى

غَداةَ النَّوَى تُبْدِي دُموعاً هَواطِلاَ

لقد شادَهُ نَجْمُ الهدايةِ واحدُ الـ

ـأفاضِل في الشَّهْباءِ طَوْلاً ونائِلاَ

وكم نَمَّقَتْ أفكارُه غَلَسَ الدُّجى

رياضاً سقَاها الفضْلُ طَلاًّ ووَابِلاَ

حدائقُ لم يكْسُ الهجيرُ نَظِيرَها

ذُبُولاً وقد تْلقى الرياضَ ذَوابلاَ

عَرائِسُ تلْقاها بضَافِي ثِيابِهَا

فإنْ لاَحَ ما فيهنَّ قُلْتَ ثَواكِلاَ

تُجِيبُكَ عَمَّا رُمْتَ وَهْيَ صَوامِتٌ

ومَن ذَا رَأَى خُرْساً تُجِيب المُسائِلاَ

بدائعُ فِكْرٍ للأواخِرِ وَطَّدتْ

محاسِنَ ذِكْرٍ تسْتقِلُّ الأوَائِلاَ