أطوف بأحلامي عليكم لعنى

أطوف بأحلامي عليكم لعنى

أصافحكم بالروح في ظلمة الليل

ثمانون يوماً ضاع مني نعيمها

كأنى وحيدٌ في الوجود بلا أهل

تغرّبتُ في الدنيا لغربة داركم

وإن اغتراب القلب ضربٌ من القتل

تعالوا أغيثوني من الوجد ليلةً

ولا تبخلوا يا أجود الناس بالبُخلِ

تمردت الدنيا عليّ وأقفرت

فلم يبق لي في غير دارتكم وردُ

إذا ثار وجدى قلت تلك بقية

من العيش يحييني بها ذلك الوجد

أسائل عنكم حاسديكم كأنني

مضيتُ وما لي من مودتكم عهد

أصورتكم هذي وأنتم بروضةٍ

يموج بها التفاح والاس والورد

تذكرت يوم المهرجان حديثكم

فأبدعت ما أبدعت والحب يبدعُ

تذكرت أني كنت يوماً خليلكم

وأنتم إلى صدرى من النور أسرع

تذكرت ما كنا عليه فسارعت

إلى مدمعي من ثورة الحزن أدمعُ

فإن لم تعودوا طائعين فإنني

إلى داركم بالرغم منكم سأرجع

ثمانون يوماً والوجود بأسره

ظلامٌ كثيفٌ لا يلوح به نجمُ

إذا غبتمو عني فما لي من الربى

إذا ازدهرت صبحاً نصيبٌ ولا سهم

ملاعبُ ضاعت من يدي بعد بينكم

فلم يبق منها غير ما يخلق الوهم

تعالوا تعالوا إنني في انتظاركم

وعندي الحديثُ العذب والراح والفعمُ

تذكرت يوم اسكندرية والهوى

يزلزل روحي عاصفاً كل زلزال

تذكرت هل أنسى وهاتيك ليلةٌ

ستبقى بماضيها المخضّب في بالي

وقفنا وللأمواج في البحر صرخة

تصورتها في الليل زأرى رئبال

وقفنا فناجينا الوجود بثائرٍ

من الوجد مشبوب العواطف قتّال

نسيتم نسيتم كيف إني لذاكر

مواقف لا تنسى وإن بعد العهد

إذا ما ازدهى العشاق يوماً بحبهم

فليس لنا في الحب قبلٌ ولا بعد

هوانا الهوى والعاشقون جميعهم

وإن عظموا في ظل رايتنا جند

هجرتم فؤادي عامدين وإنه

لصابٌ لذيذ الطعم يعنو له الشهد

صددتم هنيئاً ما أردتم لروحكم

فما أنا في ذاك الصدود بعاتب

أناجى هواكم كل حين بلهفة

وما أنا عن ذاك الجناب بغائب

يصوّركم للقلب والروح باسمٌ

من الروض زانته أيادي الخواضب

إذا ما التقى روح بروح فإننا

على بعدنا في نشوةٍ بالتجاوب

تنادمني حلوانُ كل عيشة

وكل جميل في المدائن حلوانُ

إليها سرى نور بقلبي منارهُ

فثارت بقلبي حين أصحر نيران

غرائب من وجد وأحلام صبوة

يصورها بالشعر والنثر شيطان

أسكان حلوانٍ سلام ولوعة

فأنتم بوجدان المتيم سكان

وقفت بباب اللوق تسعين مرة

أسائل عنكم كل غاد ورائح

إذا صرخ الوابور قلت لعلني

أفوز بمنضور من الطير سانح

أيعرف باب اللوق أني أحبه

وإن كان بالتهيام والوجد فاضحى

أطوف به في كل يوم وأنثنى

بقلب عصوف الخفق بين الجوانح

سلامٌ على أرض المعادي وأهلها

سلامُ محبّ يستبد به الشوق

حدائق خضرٌ لو أردت عصرتها

وصيرتها شعراً له الفوز والسبق

سلام على الحمام والجو صائفٌ

وليس له غربٌ هناك ولا شرق

أماليدُ يلقون المياه سوابحاً

وعن كل صدر ساحر الحسن ينشق

معادي الخبيري ما الخبيري وما اسمه

وما حاله والريح تعصف بالفلك

أراد الذي ما لا نريد فأصبحت

معاديه ساحاً للمآثم والفتك

يجاذبني شوقي إليها وإنني

لأضمر شوقا للنفوح من المسك

أكاد إذا استخبرت آثار وحيه

اصاول قلبي بالملامة أو أبكى

حدائق لم يحجج إليهن شاعرٌ

سوى البلبل الصداح يفتنه الزهر

مضيتُ إليها والأصيل كأنه

بأضوائه الصهباء من رقةٍ خمرُ

على بابها رضوان يرقب عودتي

وينظر ما أهدى له وهو الشعر

تعاليت يا شعري تعالت لواعجٌ

إذا زفرت فالمستهام بها السحر

أعاودُ أيام المعادي لعلني

أخفّف ما بي من عناء ومن كرب

يعاودها قلبٌ إلى الحسن ظامىءٌ

تعذبه الآهاتُ والنار في جنبي

إذا استعرت مصر الجديدة ساعة

تذكرتُ ما يلقاه من فادح الخطب

أعاني من القيظ الأليم جواحماً

قبسنَ جحيم الصيف والوجد من قلبي