أنت الذي علمتني يا سيدي

أنت الذي علمتني

يا سيدي برّ الصديق

وتركتني في فتيةٍ

ما فيهمو برٌّ رفيق

لم ألق بعدك منهمو

إلا الجفاء أو العقوق

حتى كأني لم أبت

منهم على عهد وثيق

وكأنهم لم يبصروا

في خلّتي الحر الصدوق

فنسوا هواي ولم يُفق

من ودهم قلبي المشوق

ونسوا طريف حديثنا

عند الصبوح أو الغبوق

ليت الهوى ما قادني

يوما إلى ذاك الطريق

أو ليتني لم أنخدع

جهلا بهاتيك البروق

بل ليتني بعدى الذي

عانيت من صحبي أفيق

مولاي لو أبصرتني

لفزعت من دمعي الطليق

وشجاك جسمي ناحلاً

وكأنه الطيف الطروق

أشكو إليك وإنما

يشكو المضيم إلى الشفيق

فارحم فديتك مهجةً

أودى بها الحزن العميق

حزن يقطع في الحشا

فكأنه غدر الصديق

يا ويح قلبي لم يزل

يهفو به الروح الخفوق

وتقوده الذكرى إلى

عهد الهوى الغض الرفيق

أيام نمرح في الصبا

في ذلك العيش الأنيق

أيام نسقى في الهوى

والود كأساً من رحيق

تلك الليالي لم تدع

من بعدها حسنا يروق

كلا ولا خلت لنا

إلا الزفير أو الشهيق