ضاد النفائس

هَديّةُ اللهِ في القُرآنِ تُدَّكَرُ

فيها البَيانُ بَهيٌّ تاجُهُ دُرَرُ

ضَادُ النَّفائِسِ قَدْ أَزْهَتْ طَيالِسُها

وَمِنْ سَناها ارْتَدى أنْوارَهُ السَّحَرُ

عِقْيانُها خالِصٌ لا زَيْفَ يُبْخِسُهُ

نَقيِّةُ الحَرْفِ لا عَيْجٌ ولا زَوَرُ

ما طال غَربٌ جُمانَ الضَّادِ في لُغَةٍ

إنَّ الجُمانَ لها يسعى ويَعْتمِرُ

هِيَ الدَرَاريُّ إنْ أدْجَتْ مَحابِرُنا

مَدارُ أنْوارِها يَزْهو ويَنْتَشِرُ

تَجَلَّلَتْ بِبَديعٍ لا نَظيرَ لَهُ

وجهُ البَلاغَةِ في مرآتِها قمَرُ

عَذيبةٌ النُّطقِ في أعْطافِها نَغَمٌ

مِن سحْرهِ يَتَجَلّى اللحْنُ والوَتَرُ

وَيَستَقي اللفْظُ مِنْها سِحْرَ دَهْشَتِهِ

يخْتالُ في فَيْئِها المعْنى ويَزْدَهِرُ

سَحائِبٌ وَطِفَت بالغيثِ مُتْرَعَةٌ

تَسْقي الكَلامَ نَميرًا ليسَ يَعْتَكِرُ

هتّانَةُ الهَطْلِ من طُلابِها اقْتَرَبَتْ

كَأَنَّها دِيَمٌ تَدْنو وتَنْهَمِرُ

كَمْ مِنْ مَدادٍ روَى أسْرارَ رَوْعَتِها

خَوْطُ الفَصاحَةِ في أكْنافِها نَضِرُ

تَسْري بِأَوْرِدَةِ الأَشْعارِ في دَعَةٍ

كَما الرِّهامُ فُراتَ الغَيْثِ تَدَّخِرُ

النَّثْرُ في رَكْبِها قَدْ مادَ مُنْتَشِيًا

والشِّعْرُ مِنْ حبرها يُسْقى فيبتكِرُ

لا غروَ إنْ جاوَزت حَدَّ المدى ألَقًا

واسْتَوْطَنَتْ بَرْزَخًا تَشْتاقُهُ البَشَرُ

ما مسَّها رَطَنٌ ما شابَها زَلَلٌ

أعجوبةٌ وَبها قَدْ حارَتِ الفِكَرُ

قَدْ وقَّرَ الخَلقُ بالتَّقْديسِ ساحَتَها

لأنَّها لُغَةٌ قَدْ شاءَها القدَرُ