كعبة الحسن

مِنْ مائسِ البانِ قُدّ القَدُّ واتّسَقا

قدٌّ تَميّدَ سُبْحانَ الذي خَلَقا

مِنْ ناعمِ الوردِ حازَ الخَدُّ رقَّتَهُ

والجيدُ من فوْحِهِ قد عبَّ واعتَبَقا

مِنْ رفّة الجفْن سيفُ اللحْظِ باغَتَني

ثُمّ اجْتَباني لهُ غمدًا مُذِ انْطلَقا

في فاتنِ الوجْهِ أرْسى الحُسْنُ كَعْبتَه

والنور حج إليهِ فاكْتسى ألَقا

في أقْدسِ النَّبْضِ بِنتُ القَلْبِ مَسْكَنُها

لَها ومِنْها وفيها الخَفْقُ قَدْ خَفَقا

في الثّغْرِ بارقةٌ يَشْتاقها نظَري

شوقَ العِطاشِ لغيثٍ سُحَّ وانْدَلقا

مِعْطيرةٌ وَنسيمُ الطِّيْبِ هالَتُها

تضوَّعتْ ليْلَكًا قد طارحَ الحَبَقا

وابْلَجَّ فيها جَبينٌ مُبْهرٌ فَضَوى

كَفَجْرِ صُبْحٍ بُعيْدَ الدُّجْنَةِ انْبثقا

كُنْتُ الفقيدَ الّذي يَسْري بهِ وجَعٌ

صِرْتُ الوَحيدَ الذي قد أرّقَ الأرَقا

كُنْتُ الشّريدَ بِلا أهْلٍ ولا عَضُدٍ

صِرْتُ الطّريدَ الذي قَدْ أقلقَ القَلَقا

كُنْتُ الجَريحَ إذا روحُ النّدى جُرِحَتْ

صِرْتُ القَريحَ وَطيني هُدَّ وانْفَلَقا

كُنْتُ الطّريحَ كَقَبرٍ شُقَّ مُنْعَزِلا

صِرْتُ الذّبيحَ وقَلبي شُجَّ ما ارْتَتَقا

حَتّى حَباني ربيعُ العَيْنِ باصِرَتي

أردْتُ أسْرِقَهُ لكنّهُ سَبَقا

وضيءُ وجهِكِ نبراسٌ لأشْرِعَتي

وقاربي عنك طولَ البَحْرِ ما افْتَرَقا

رنينُ صوتِكِ “دوْزانٌ” لأغْنيتي

ينْثالُ في عَصَبي يَسْتَحْضِرُ الرَّوَقا

مُذْ بات ثغْرُكِ مِضْيافًا لأخيِلَتي

جُنّ القَصيدُ وحَرفي عانقَ الورقا

هيا ازفري في مَسار الرّيحِ مُتْعِبَتي

لأشهَقَ الريحَ تِرياقا ومُنْتَشَقا

لا تَعْذليني فَإنّي مُولَعٌ ولِعٌ

والشّوْقُ مِنْ وَلَعي قَدْ شَبَّ واحْتَرقا

لا تُلْقِميني لِنيرانِ الجَفا حَطبًا

لا تُرضِعيني لِبعدٍ يُورِثُ الرَّهَقا

جُودي بقربٍ لعلَّ الدفءَ يحقِنُني

وصلًا يُرتّقُ ما في داخِلي انْفَتَقا