الصديق

كانَ جالساً أمامي بوجههِ الكئيبِ وعودهِ الناحلِ

يبتسمُ إذ أبتسمُ ويعبسُ إذ أعبسُ

أتذكرُ أني رأيتهُ

مرةٍ حينما كنّا صلصالاً في شرفاتِ قصرِ اللهِ

ومرةً أخرى في جهنم

لماذا اختارني من بين كلّ هؤلاءِْ الجالسين ؟

ولماذا لم يذهبْ مع مُحبي الكرة لمشاهدة التلفزيون ؟

أراهُ غريباً

ينفضُ عن رأسهِ أفكاراً كترابِ القبرِ

أقرأُ في وجههِ

ثلاثينَ عاماً من الحيرةِ

ثلاثينَ عاماً من الرحيل إلى مدنِ الحلمِ المغلقة

ثلاثينَ عاماً من السهر

يقرأُ كتابي

ويرتدي كفناً

لماذا غامت عيناهُ حين رآني أغازلُ تلك الشقراء؟

هل يشعرُ بالغيرةِ ؟

ــ أكرهكَ

يضحكُ ويتمتمُ بكلماتٍ لا أسمعها

والآن سأتركهُ يمارسُ اللعبةَ وحدهُ

ولكن حين خرجتُ

تذكرتُ بأني نسيتهُ

فعدتُ

وجدتهُ يبحث عني

بوجههِ الكئيبِ

وعودهِ الناحل