أسرى به في ليلة المعراج

أسرى به في ليلة المعراج

بمعاجز الإلجام والإسراج

نور سرى فوق الأثير وميضُه

والليل في العشر الأواخر داجي

حتى أضاء الكون نو سنائه

متألقا في ضوئه الوهاج

بدر أضاء الخافقين بهديه

في عالم لضيائه محتاج

من بطن مكة والعوالم هجع

أسرى به للقدس ذي الأبراج

وسما إلى اُلأُفق العليّ بليله

يَفتَضُّ محكمَ مغلق الازلاج

حتى تدنىَّ قاب قوسين إلى

أن كان يسمع همسة المتناجي

ولقد رآه نَزلَةً أخرى كما

قال الإله بقصة المعراج

من ذا يماريه على ما قد رأى

لولا العناد وخطة الارهاج

إذ جنة المأوى وفيها ما اشتهت

نفس وما يهواه كل مزاج

والسدرة العظمى وإذ يغشي الذي

يغشى من الأفراد والأزواج

في عالم ملكوته طُهرٌ بلا

رجس هناك لا بذيء لجاج

جبريل ينشر بالسلام جناحَه

يققاً تطهر عن دم ثجّاج

وترى الملائك قائماً أو قاعداً

يدعو بذلك ربه ويناجي

بحر من الأنوار ضَوءٌ كله

متلاطم كالعيلم العجّاج

تتوجه الآمال نحو مقامه

مثل الفراش يحوم حول سراح

يدوي دُعا المظلوم فيه مكبرا

وتوسلُ الملهوف والمحتاج

فرأى الذي ما قبله عين رأت

كلا ولا سمعته أذنُ مناجي

والصالحون ذوو الشهادة والتقى

يمشون في الفردوس في الديباج

يسقون مختوم الرحيق مشعشعا

بالنور كأسا في لطيف مزاج

ورأى ذوي الآثام والإجرام في

حال من الآلالم والإزعاج

يُغذَونَ بالزقوم والغسلين أو

يمشون في الأغلال بالكرباج

والأنبياء استبشروا بأجلهم

في القدر والناموس والمنهاج

ولقد رأى آياته الكبرى التي

هي للجهول طلاسمٌ وأحاجي

تبا لمن أعمى الهوى أبصاره

فغوى كسار في قتام عجاج

هزأت قريش حين قال طغاتها

لا تسمعوا لمخرف هراج

قولوا أيقطع في هزيع ماونت

عنه هجان السير والادلاج

أم كيف يعرج للسماء بجسمه

صُعُداً بلا سبب ولا أدراج

من ذا يقيس المعجزات بعقله

في منطق وقواعد استنتاج

إن المعاجز لا تقاس بآلة

وَسَمَت عن المسطار والأزياج

من قبل قرن من يصدق أننا

سنرى ونسمع من بعيد فجاج

أو يدرك الرادار رجع صدى له

حول السهى بتذبذب الأمواج

أو يخضع الإنسان عنصر ذره

بسديد تفكير وحسن علاج

هزؤوا به سَفهاً لضعف حلومهم

والله آخذهم بالاستدراج

حتى انجلت لهم الحقيقةُ بعدما

شهدوا من الآيات كل مفاجي

وانقاد كل مكابر ومعاند

وانصاع كل منافق ومداجي

وتهاوت الأصنام من عليائها

واجتُثَّت العُزَّى من اَلأوشاج

والناس كلهم بعزم صادق

دخلوا بدين الله بالأفواج

ومشت كتائبهم مشاعلَ للعلى

من كل أزهر بالشهادة ناجي

هوت العروش أمامهم وعنا لهم

ذو الصولجان وأبّهات التاج

وعلى البسيطة رفرفت أعلامهم

كالصبح عمَّ اُلأفق بالإبلاج

القدس للفاروق يفتح بابه

ويزيل عنه محكم الإرتاج

ويظل مفتوح الرتاج مُؤَمَّنَا

حرا لمقدم سائر الحّجاج

وأتى صلاح الدين يَقدُمُ جيشَه

ليبشر المأسور بالافراج

واليوم روعت المحارم جهرة

فيه وشتت أهله بملاجي

وغدت فلسطين الشهيدة مذبحاً

فيه الدماءث جرت من الأوداج

في دير ياسين وفي أخواتها

ذبح اَلأهالي مثل سرج نعاج

والمسلمون جميعهم في شاغل

من سفسفات أو عقيم لجاج

رحماك ربي إنَّ أرشك قد خلت

فابعث لنا يا رب بالإفراج