طاف السقاة بها ما كان أشهاها

طاف السقاة بها ما كان أشهاها

فيا ندامى أراح أم حمياها

فقد تضوّع في الكاسات ريّاها

سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها

واستخبروا الراح هل مسّت ثناياها

هيهات أنسى وما ليلى بناسيةٍ

سويعة جمعتنا فوق رابية

حتى إذا سمعت ترجيع شادية

باتت على الروض تسقيني بصافية

لا للسلاف ولا للورد رياها

وكاشفتني ولم تملك عواطفها

بحبها فنفت نفسي مخاوفها

والكأس من غلة لم تغن راشفها

ما ضرّ لو جعلت كأسي مراشفها

ولو سقَتني بصاف من حميّاها

فيا للوعة قلبي من تبرّمها

ويا لحرقة روحي من تجنّبها

فهل لها مأرب من لي بمأربها

هيفاء كالبان يلتفّ النسيم بها

ويلفت الطير تحت الوشي عطفاها

تغزو القلوب ولا خوف ولا ندم

وكم هناك جرى دمع وسال دم

حوراء عذراء ما زلّت بها قدم

حديثها السحر إلا أنّه نغم

جرت على فم داود فغنّاها

وذات طوق شكت والقلب طارحها

وقطّعت كبدي اللَه سامحها

يا ليل قل لي فصعب أن أفاتحها

حمامة الأيك من بالشجو طارحها

ومن وراء الدجى بالشوق ناجاها

بكت لها اللَه واستبكت وما كتمت

ووقدةُ الوجد في أعماقها اضطرمت

واستعرضت صور الماضي ومذ وجمت

مدّت إلى الليل جيدا نافرا ورمت

إليه أذنا فحارت فيه عيناها

يا ليل رفقا بها رفقا فما نكثت

عهدا لأحبابها كلا ولا حنثت

فكم بجنحك عن أحلامها بحثت

وعادها الشوق للأحباب فانبعثت

تبكي وتهتف أحيانا بشكواها

يا ساقي الراح أحشائي قد التهبت

يا ضارب العود أفكاري قد اضطربت

إني لفي مأتم والساعة اقتربت

يا زهرة الأيك أيّام الهوى ذهبت

كالحلم واها لأيّام الهوى واها