الوطن شمس وطوابع بريد وأنت

فصل ثانٍ

قلتُ لها:

الصقي طوابعَ البريد على مظروفِ الغيمِ

وابعثيهِ على عنوانِ أيّةِ دمعةٍ أو محطةٍ أو شجرةٍ

لا بدَّ وأن يعودَ إلي

لمْ تصدقني..

وجلستْ على حافةِ البحرِ

تترقبُ أسرابَ الطيورِ والمراكب

وخطى ساعي البريدِ الكهلِ..

قلتُ لها:

انتظريني، سأعود من قطارِ الحربِ {المجنون}

لاحدثكِ يا فرحي المخبولَ عن كلِّ ما جرى

بالتفاصيلِ والقنابلِ والملاجيءِ الطويلة وسريري الوحيدِ والذكرياتِ والنسيانِ.

ستمرُّ عليكِ أسرابُ النجومِ والذكرياتُ وظلالُ المدنِ

ستمرُّ عليكِ الطائراتُ وقنابلُ التنويرِ المحنّطةُ..

سيمرُّ عليكِ نخيلُ البصرة والقصيدةُ الأخيرةُ والجنودُ العائدون من الإجازاتِ القصيرةِ

قلتُ لها انتظريني

وجلستُ على حافة قلقي

أترقّب خطى اشتياقكِ وهي تجوسُ أدغالَ قلبي

وتقتربُ.. تقتربُ.. تقتـ..

احذري أن تدوسي لغمَ أحزاني

فلا طاقةَ لكِ على التشظّي…

قلتُ لها:

حضوركِ أقسى من الفرح

كمْ هو قاسٍ فرحي بكِ

يا واسعةَ العينين، يا واسعةَ القلبِ، يا ضيقةَ الصبرِ

قلتُ لها:

سأرهن نصفَ عمري لو تفهمين هذه المعادلةَ التي لا أفهمها

أدمنتُ غيابَكِ حتى وأنتِ قربي

ففيهِ أتأملكِ عن قربٍ

وأكتشفُ أبعادَكِ.. وأبعادَ قلبي..

لمْ تقلْ شيئاً..

ولمْ أقلْ شيئاً..

وافترقنا..

*********