أتاني كتاب من خليل منمق

أتاني كتاب من خليل منمق

على كل حرف منه حسن ورونق

تنشَّيْتُ وجدا إذ تنشَّيت عرفه

ولم لا ومنه عاطر الورد يعبق

فيا حبذا ذاك العبير وحبذا

نسيم به نحوي التباشير يسبق

إلى الله أشكو ما لقيت من النوى

وحرّ جوى كادت به النفس تزهق

أقمت وأحبابي ابروا وأبحروا

على غير ما أهوى وشملي مفرّق

فما زلت مذ بانوا حليف صبابة

إذ حان سبح كدت بالدمع أغرق

ففي قلبي المأسور أدّخر الهوى

ومن طرفي المسجور دمعي أنفق

كئيب نحيل واجد متشوف

غريب عليل فاقد متشوق

ولست بذي صبر فيؤمل أجره

ولست بذي سلوى إليه موفق

وليس بمأمون زماني على اللقا

وهل يؤخذن يوماً على الدهر موثق

أحن إلى لقياهم متلهفاً

إذا ما سميري النجم لاح وأقلق

وإن ذرّ قرن الشمس أوهمت أنها

تبلغني عنهم سلاماً وتنطق

فإني أرى فيها علامات حسنهم

وفي كل حسن ذكر ما القلب يعشق

أعلل قلباً بالأماني هائماً

ولم يبق فيه للتمني مصدق

يطير اشتياقاً بي إليهم وإنني

أسير هوى فيهم ببيني موثق

ويخفق من ذكر اسمهم فكأنما

يخيل لي أن مضجعي منه يخفق

وأسكب دمعاً كان يجري بقربهم

فكيف وباب الوصل دوني مغلق

متى يجمع اللّه المحبين ساعة

وحجب النوى بعد الوصال تمزق

ورب بعاد كان منه دوام ما

يؤمل من قرب الأحبّة شيّق

فلله أسرار يعزّ بيانها

وللدهر أطوار تسوء وتونق