أمودعي والدمع كاد يحول

أمودّعي والدمع كاد يحولُ

ما بيننا ولظى الغرام تهول

كيف التصبّر بعد بعدك موحشا

وبقيت لا أرب ولا مأمول

قد كان يشجيني غيابك ساعةً

وأخال أن قد عزّ منك قفول

والآن غبت على حساب صبابتي

دهراً فليل المبتلين طويل

إن تنسَني أذكرْك أو إن تشجني

أشكرك لست الدَّهر عنك أحول

يا ليت طيفك في الكرى يعتادني

أو كان يغفى الطرف حين أليل

فلزوره منه أحبُّ إليّ من

لذّات وصلٍ من سواك يطول

أذهلت في حُبّيك عن ألم النوى

ولقد يريح العاشقين ذهول

إنسانُ عيني أنت جَيرٍ ومهجة

للقلب ما لهما لديّ بديل

لو في رضاك بذلتُ كل جوارحي

كنتُ الضنينَ وما بذلتُ قليل

ألقاك في كل الجمال مصوَّراً

فيطول فيه مني التأميل

وإذا سمعتُ بمفرد في حسنه

أيقنت في هذا لك التأويل

وأبيت أسال عنك سيّار الدجى

لو كان ينفع سائلاً مسئول

يا فاتني بدلاله لم يبق لي

في العيش بعدك بَتَّةً تعليل

ما كان غيرك مالئاً طرفي ولا اع

تقد الضمير بأن سواك جميل

وإذا الورى شغلتهم دنياهم

فأنا الذي بك دائماً مشغول

فيك الدليل على توحدّ مبدعٍ

إن عزَّ عند الفلسفيّ دليل

أرسلتُ دمعي مع كتابي عالماً

أن لا ينوب عن الحبيب رسول

يا عاذلين على الهوى لا تعذلوا

فبلائي هذا أصله التعجيل

سبق الفؤادُ الطرف مني في الهوى

فهويت فيه فعاذلي معذول

أسفاً على وقت الوصال فيا تُرى

للبين يغدو مثله تأجيل

لولا ادّكار نعيمه لقضيت من

وجد فكم بالوجد طُلَّ قتيل

ساعُ التعانق ليس يُنسي ذكرها

وخطورَها بالبال قطّ حؤول

ولربَّ يوم مسرَّة يغنيك عن

عمر بأكدار البعاد يطول

فَلأفطمنّ النفس عن لذَّاتها

وليشجني بعد الغناء عويل

يا منكراً لحقيقة الغول اعتقدْ

إنَّ النوى هي في الحقيقة غول

من لم يذُقْ ألم الفراق فما له

يوماً إلى عتب الزمان سبيل

فلكل رزءٍ غيره سلوى لذي

رشد وطبُّ بالعزاء كفيل

يا لوعة الشوق أسكني في مهجتي

ما فاتني مَّمن أحبّ وصول

خفقَان قلبي من سكونك دائم

ولعلّ عن كثبٍ بلاي يزول