أبان اصطباري بين أم أبان

أبَانَ اصطِبَارِي بَينُ أُمِّ أبَانِ

وأحمَشَ إيقَادَ الجَوَى بِلَبَاني

فَصَعَّدَ انفَاسِ وحَدَّر ادمُعِي

نَجِيعاً عَلَى خَدِىِّ أحمَرَ فَان

فَبِتَّ كَأني قَد جَفَنتُ صَرَاءَةً

إِذَا رُمتُمِن جَفني الوِصَالَ جَفَاني

أَهُمَّ ِإذَا أغلَى التَّذَكُّرُ زَفرَتِي

وَرَدَّدَهَا في الصَّدرِ بالطَّيَرَانِ

كَأني شَيخٌ لِلوَلاَيةِ مُجتَنٍ

عَلَى مَحضِ جَهلٍ فَهوَ أخبَثُ جَانِ

إِذَا جِئتَهُ لاَقَتكَ مِنهُ بَذَاءَةٌ

وهُجرُ لُغَى لَم يَختَمِر بِتَوَانِ

وَإن مِلتَ لِلعِلمِ أستَكَانَ مُحَرِّكاً

بَنَانَ بَغِيٍّ في فُنُونِ كِرَانش

وَإِن رُمتَ مِنهُ الخَطَّ قالَ تَكُبَّراً

لَقَد كُنتُ أُمِّياً مَفَخَّمَ شَانِ

وَرِثتُ النبي الهَاشِمِيِّ وِرَاثَةً

مُتَمَّمَةً لِي في مُنًى وأَمَانِ

أيَا شَيخَنَا النَّجدِىيَّ إِنَّكَ عَارِفٌ

بَصِيرٌ لأسرَارِ الغوَايَةِ رَانِ

أتَاني مِن تَهدِيدِكَ الخَبَرُ الذي

تُكَابِدُ مِنهُ لَوعَةً وتُعَاني

فَلاَ تَحسِبني في المَوَاسِمِ جُبَّاً

أَلِينُ ِإذَا قَعقَعتَ لِى بِشِنَانِ

فَإِنَّ قَناتِى لَم تَلِن إِن غَمَزتَهَا

ولَم تَتَكَّسَر فَهىَ مِثلُ سِنَانِ

وإِنَّ إمرَءاً أَمَّتهُ مني قَصَائِدٌ

مُقَرِّعَةٌ نَمَّقتُهَا بِبَنَاني

وحَلَّيتُهَا دُرَّ المَعَاني مُرصَّعاً

بِشَذرِ بَدِيعٍ مُونِقٍ وبَيَانِ

ونَفَّرتُ عَن رَوضِ التَّنَافُرِ سِربَهَا

وَأرعَيتُهُ سَعدَانَ كُلِّ جُمَانِ

ومَلاَّتُهَا هَجواً مُمَّوَهَ ظَاهِرٍ

بِمَاءِ إمتِداحٍ مُستَلَذِّ مَعَانِ

لأحرَى بِأن يَنضَافَ لِي مُتَوَاضِعاً

ذَلِيلاً وأن يَنقَادَ لِي بِعِنَانِ

فَإنَّ لِيَ المَيدَانَ في حُسنِ حَوكِهِ

وما لامرِئٍ لِي في مَدَاهُ يَدَانِ

فَما قَلبُ طَودٍ شَامِخٍ مُتَوَقِّعٍ

هِجَائِي إلاَّ دَائِمَ الخَفَقَانِ

إِذَا رُمتُ قَطفَ الشِّعرِ أدنَى قُطُوفَهُ

إِليَّ فَأَجِني مِنهُ مَا أنَا جَانِ

فَقَاصِيهِ دَانٍ لِي وعَاصِيهِ دائنٌ

وأعينُهُ شَوقاً ِإليَّ رَوَانِ

ولَم أكُ في أخذِي لَهُ مُتَكَلِّفاً

فَمَا هُو ِإلاَّ مُختَفٍ بِلِسَاني

تَنَاشَدَهُ الرُّكبَانُ في كُلِّ مَوكِبٍ

وَتَقذِفُهُ فَاسٌ لأرضِ عُمَانِ

كَذَلِكَ شِعرِي ِإنَّ فِيهِ لَحِكمَةً

بَيَانِيَّةً مَقذُوفَةً بِجَنَانِي

أُدَنِّسُ عِرضَ المَرءِ حَتَّى كَأنَّهُ

بِنُقبَةِ نَقسٍ شِيبَ أَو قِطِرَانِ

وأُخفِضُه مِن بَعدِ عِزٍّ وَرِفعَةٍ

وأجعَلُهث في ذِلَّةٍ وَهَوَانِ

وأُسقِطُهُ مِن أعيُنِ النَّاسِ بَعدَمَا

تَلَقَّوهُ إِجلاَلاَ بِكُلِّ مَكَانِ

نَهَاني عَن هَجوِ المَسِيحِ وَحِزبِه

هُمَامٌ نَصُوحُ الوِدِّ حِينَ نَهَاني

وألبَسني مِن جَيِّدش الشِّعرِ حُلَّةً

بِهَا فُقتَ أقرَاني وأهلَ زَمَاني

وَحذَّرني بَغضَاءَ بَعدَ مَوَدَّةٍ

مَخَافَةَ مَا يُفضِى إِلَى الشَّنَآنِ

وَمَا هُو إِلاَّ نَاصِحٌ غَيرَ أنني

بُلِيتُ بَوَانٍ لَستُ عَنهُ بِوَانِ

يُهَدِّدني جَهلاً وَلَم يَدرِ أنَّنِآ

يُثَبِّتُ جَأشِى دَاهِمُ الحَدَثَانِ

وأني وَقَّادٌ الحُرُوبِ فَإِن خَبَت

لَظَى الحَربِ بِكراً زِدتُها بِعَوَانِ

فَمَن شَاءَ فَليَحفَظ بَسَاتِينَ عِرضِهِ

فَإنَّ جِنَانَ العِرضِ خَيرُ جِنَانِ

وَإِلاَّ تُضَيِّعهَا زَعَازِعُ صَرصَرٍ

مِنَ الشِّعرِ لاَتُثنَى لِصَولَة ثَانِ