أبرق لاح من خلل الغمام

أبَرقٌ لاحَ مِن خِلَلِ الغَمَامِ

أمِ انكَشَفَ التَّنَقُّبُ عَن أُمَامِ

فَإن يَك بَارِقاً فَلَهُ بَرِيقٌ

كَوَجهِ اُمَامَ وَاضِعَةَ اللِّثَامِ

وإِن يَكُ وَجهَها فَلَقَد أعَارَت

بِلَمحَتِهِ السَّنَا بَدرَ التَّمَامِ

فَدَت رَشَفَاتِ ثَغرِكَ بَعدَ هَدءٍ

عَلَى عِلاَّتِها جُرُعُ المُدَامِ

أُمَامَةُ لَو عَلِمتِ بِمَا اعتَرَاني

غَدَاةَ البَينِ مِن ألِمَ الغَرَامِ

لما نَأيتني وَصَددَّتِ عني

ودمعِى بَينَ مُنهَمِلٍ وهَامِ

أُحِبُّكِ يَا أُمَامَةُ غَيرَ أني

بُلِيتُ بِحُبِّ غَيرِكِ مُنذُ عامِ

سَقَاني شَوقُ آسِيَةٍ سَقَاماً

وهَاجَ أسىً أمضَّ السَّقَامِ

فَدمعِى مِن هَوَاهَا في إنسِجَامٍ

وقَلبي مِن هَواهَا في اضطِرَامِ

وقَد نُبِّئتُ أنَّ لَهَا حَلِيلاً

مُجِيداً لاَ يُكَافَحُ في الكَلاَمِ

فَقُلتُ لَهُم تَرَكتُ لَهُ هَوَاهَا

مَخَافَةَ مَا يَجُرُّ ِإلَى المَلاَمِ

فَقَالَ لَهُم تَقَاعَسَ عَن لِقَائِى

وكَانَ يَهَابني قَبلَ احتِلاَمِى

وأرسَلَ مِن كِنَانَتِهِ سِهاماً

بِلاَ سَبَبٍ ِإلىَّ ولاَ سَلاَمِ

فأخرَجتُ السِّهَامَ وكَنتُ أدرَى

بِمَوقِعِ مَا يُحَاوِلُ باِلسِّهَامِ

فَلَمَّا أن أرَدتُّ الرَّمىَ فِيهِ

ونَارُ الشِّعرِ مُشعَلَةُ الضِّرَامِ

تَذَكَّرتُ القَرَابَةَ فَأنثَنَت بي

إِلَى تَركِ التَّعَارِضِ والتَّرَامِى

فَأرسَلَ بِالهِجَاءِ ِإلَىَّ أيضاً

وذَلِكَ فِيهِ إيقَاظُ النِّيَامِ

تَنَبَّه مِن مِنَامِكَ هِجتَ صِلاًّ

تُنُوذِرَ في المَوَاسِمِ والمَوَامِى

سَتُنشَرُ في مَحَلِّكَ وهىَ عُورٌ

عَلَى عَجَلٍ قَوافٍ كالسِّلاَمِ

فَإن تَكُ صَالِحاً لِلشِّعرِ تُخرِج

دَرَارِىَ مِنهُ مُحكَمَةَ النِّظَامِ

وإِن تَكُ تَدَّعِيهِ ولَستَ أهلاً

لَهُ أصبَحَت مِن مَوتَى الرِّجَامِ

أجِيبُوني أجرِّعكُم هِجَاكُم

وما يَشفي الأوَارُ مِنَ الأوَامِ

وإيَّاكُم وقَولَةَ لَيس كُفئاً

فَإني كُفؤُ كُلِّ فَتًى هُمَامِ

وفي نَسبي وفي حَسبي ونَفسِى

مَقَامٌ لاَ يُقَصِّرُ عَن مَقَامِ

عِصَامِىٌّ عِظَامىٌّ فأني

أُقَاسُ في الإفتِخَارِ عَلَى عِظَامِى

ِإذَا امتَحَنت قَرائِحُنَا تَبَدَّى

لِحَضرَتِنَا الكُهَامُ مِنَ الحُسَامِ

بَدا لِى فِيكَ أنَّكَ غَيرُ حُرٍّ

لِمَا ضَيَّعتَ مِن شِيَمِ الكرَامِ

وقَد أتعبتَ نَفسَكَ في تَرَجِّى

مَسَائِلَ مَالَهَا بِكَ مِن لِمَامِ

تُحَاوِلُ أن تَكُونَ ولَستَ شَيخاً

كَأَنَّكَ في التَّيَقُّظِ في المَنَامِ

أشَيخٌ لَيسَ يَعلَمُ فَرضَ عَينٍ

ولَم يَعلَم مَقاماً مِن مُقَامِ

ولَم يَحصُل علَى جِسمٍ أَنِيقٍ

فَيُحسَب مِن أُولِى الرُّتَبِ الجِسَامِ

ظَنَّنَا أنَّ هَمَّكَ في المَعَالِى

ولم تَكُ في المَعَالِى ذَا اهتِمَامِ

زِمُامُكَ بَطنُكَ استَولَى قَدِيماً

عَلَيكَ فَأنتَ مُتِّبِعُ الزِّمَامِ

يَقُودُكَ لِلطَّعَامِ وأنتَ تُدعَى

بِخُوَّارِ العِنَانِ إلَى الطَّعَامِ

تَعُضُّ عَلَى اللِّجَامِ إِذَا تَبَدَّى

فَيَصعُبُ عَنهُ رَدعُكَ باللِّجَامِ

أذَلَّكَ في مَواطِنِ صَادِقَاتٍ

وعَلَّكَ مِن مَشَارِبِ كُلِّ زَامِ

وشَلَّكَ عَن حِيَاضِ المَجدِ ثَلاًّ

فَمَلَّكَ كُلُّ مُنخَفِضٍ وسَامِ

وهَل لَكَ مِن أدَاهِمِهِ تَفَصٍ

وقد أضحَت أمَاكِنُها دَوَامِ

لَعَلكَ قد عَثرتَ وعلَّ قَولِى

لَعَالَك فِيهِ جَذبُكَ لِلمَرَامِ

دَعَوكَ مُحَمَّدَ الحَسَن ابتِدَاءً

ولَم يَكُ الإبتَداءُ كالإِختِتَامِ

فَلَمَّا أن بَلُوكَ وكُنتَ عَلاًّ

تُعَلُّ بِكَأسِ مَنقَصَةٍ مُدَامِ

وترفُلُ في جَلاَبِيبِ المَساوي

مُوَّشَحةً بِتَنمِيقِ الحَرَامِ

تَرَوَّوا في سُمَالَكَ لَيس يُبزرِى

بِقَدرِكَ بَعد تَفتِيشِ الأَسَامِى

فَقَالَ البَعض عَيبَةُ كُلِّ عَيبٍ

وقَالَ البَعضُ مَلأمَةُ الأنَامِ

شَغُفتَ بِكُلِّ منقصةُ غلاَماً

وقَد يَبدُو المختَأُ في الغُلاَمِ

فَلَمَّا أن نَشَأتَ دَوَىً دَمِيماً

كَثِيرَ خَناً عدتَ مِنَ اللِّئَامِ

وقَد أفنَيتَ عُمرَكَ في أُمُورٍ

صِغَارٍ مَا جَنَحتَ إلى العِظَامِ

فَرُبَّ أمَانَةٍ قد خُنتَ حَتَّى

دَعَتكَ إلى التَّشَاجُر والخِصَامِ

وَكَم خودٍِ نَكَحتَ بِغَيرِ مَهرٍ

عَلَى رَجَفانِ رعيِكَ لِلذِّمامِ

وكَم شَيءٍ أخَذتَ على اختِلاسٍ

فَبُيِّنَ بَينَ آمِنةٍ و آمِ

أتَطمَعُ في المَكَارِمِ بَعدَ هَذَا

تَقَاصَر لَستَ بالنَّدُسِ الهُمَامِ

وِإن تَرمِ المَكَارِمَ لَم تُصِبهَا

فَمِثلُكُ لِلمَكَارِمِ عَنهُ حَامِ

يَعِزُّ عَلَيكَ رَمُيكَهَا ومَهمَا

رَمَيتَ فَرَميَةٌ مِن غَيرِ رَامِ

فَخُذهَا دُرَّةَ الغَوَّاصِ تُغني

عن المِصبَاحِ في سُدُفِ الظَّلامِ

وتُوقِدُ في الحَشَا حُرَقاً وتُندِى

مُطَوَّقَهَا كَأطوَاقِ الحَمَامِ