دمن الأحبة لو عصيت العاذلا

دِمَنَ الأحَبَّةِ لَو عَصَيتِ العَاذِلا

لأَجَبتِ عَن ظَعنِ الخَلِيطِ السَّائِلا

وبَرَّدتِ عَنه البَعضَ مِن حَرِّ الهَوَى

وكَفَفتِ عَنهُ وَسَاوِساً وبَلاَبِلا

وحَبَستِ في عَينَيهِ بَعضَ دُمُوعَهُ

وشَفَيتِ دَاءً في الجَوانِحِ دَاخِلا

وأرَيتهِ مَلهَى الأحبَّةِ باللِّوَى

زَمنَ السُّرُورِ بِهِ ضُحىً وأصَائِلا

أيَّامَنَا بِلِوَى الطَّوِيلِ إِذِ الهَوَى

طَوعُ الصُّبَاةِ مَوَاثِقاً وَوَسَائِلا

لا نَختَشِي تَشحَاجَ أبقَعَ بالنَّوَى

والوَصلُ عَذبٌ لا صُدُودَ ولاَ قِلَى

نَلهُو عَلَى كُثبانِهِ بِخَرَائِد

رُودٍ تَاَطَّرُ في الرِّيَاطِ غوَافِلا

ونَبِيتُ في العَرَصَاتِ نَكتُمُ سِرَّنَا

نَخشَى العَوَاذِرَ أن تَكُونَ عَواذِلا

ونَظَلُّ نَرقُبُ غَيبَةَ الرُّقَبَاءِ كَى

نَصطَادَ بِيضاً كالظِّبَاءِ خَوَاذِلا

نَمشِى على الكُثبَانِ بين خرائد

بيض نواعم بالقلوب مَوَائِلا

مَا إِن بَعَثَن لِحَاظَهُنَّ لِمَرعَوٍ

إِلاَّ أصَبنَ بِهِنَّ مِنهُ مَقَاتِلا

يَصطَدنَ كُلَّ مُدَجَّجٍ مُتَمَنِّعٍ

مهما نَصَبنَ دَلاَلَهُنَّ حَبَائِلا

وَتزِلُّ مِن أعلَى شَمَارِيخِ الذُّرَى

نَغَمَاتُهُنَّ الأدفيب الصُّلُودَ العَاقِلا

وكَأنَّهُنَّ إِذَا رَنِينَ مِنَ المَهَا

عِينٌ مَطَافِلُ قَد أحَسنَ مُخَاتِلا

وَكَأنَّ أوجُهَهُنَّ أقمَارُ الدُّجَى

وكَأنَّ في ضَفَرَاتِهِنَّ لَيَائِلا

وكَأنَّهُنَّ إذا ابتَسَمنَ بَوَارِقاً

بَل هُنَّ أحسَنُ طَلعَةً وأقَاوِلا

وَكَأنَّ في أنيَابِهِنَّ عَلَى الكَرَى

عَسَلاً وفي نَكَهَاتِهِنَّ خَمَائِلا

وكَأنَّهُنَّ تَثَنِيًّا وتَمَايُلاً

بَانُ النّقَى مُتَثَنِياً مُتَمَائِلا

ولَهَا أنَابِيبٌ رِوىً ومَعَاصِمٌ

مَلاَت بِهِنَّ أسَاوِراً وخَلاَخِلا

وَإِذَا وَعَدنَ وَفِينَ لَكِنَّ الوَفَا

عَدَمُ الوَفَاءِ فَقَد عُهِدنَ مَوَاطِلا

وكَأنني لَمَّا مَرَرتُ بِدِمنَتَى

ذَاتِ الرُّبَى نَقِفتُ حَنَاظِلا

وكَأنَّ في قَلبي غَضاً مُتَضَرِّماً

يغلي زَفِيرِي عَالِياً أو سَافِلا

وَتَخَالُ لَو شَاهَدتَ جَريَ مَدَامِعِي

يَومَ الزَّيَالِ جَوارِياً وَسَوَائِلا

وَكَأَنَّ أَدمُعَ مُقلَتي مِن جَريِها

بَينَ الرُّبوعِ ذَوارِفاً وَسَوالِفا

يمني الخَليفةِ والخَليلِ المُصطفي

جَعَلَت تُفَرِّقُ أَينُقاً وَأَجامِلا

وَدَراهِماً وَقَناطِراً وَمَوائِداً

وَأَرائِكاً وَوَلائِداً وَحُلاحِلا

وَجَوارِياً دُهماً قَواطِعَ لِلفَلا

تَشئُو الجَهامَةَ والأسكَّ جَوافِلا

وَنَوالَهُ المَأمولَ سَيلاً دافِقاًَ

بِتَلاعِ أَربابِ الحَوائِجِ سائِلا

يَا أَيُّها الشَّيخُ الجَلِيلُ المُصطفي

لا زِلتَ في بُردِ الجَلالَةِ رَافِلا

أنتَ الذي تَهَبُ القُصَورَ وغَرسَهَا

وبِنَاءَهَا المُتَعَالِىَ المُتَطَاوِلا

والهَيكَلَ الطِّرفَ المُسَوَّمَ مُسرَجاً

والشَّد قَمِىِّ المُقسَئِنَّ البَازِلا

والغَادَةَ العَذ رَاءَ بَاهِرَةَ الحُلَى

وَصَدَاقَهَا وتَكُونَ بَعدُ الكَافِلا

عَوَّدتَ نَفسَكَ أَن تَمِيلَ مَعَ التُّقَى

أبَداً وأن تَهَبَ الجَزِيلَ السَّائِلا

وأمَرتَهَأ أن لاَ تَمَلَّ مِنَ العَطَا

حَتى تُمِلًّ هِبَاتُكَ المُتنَاوِلا

وَلَقَد وَهَبتَ عَلَى الخُطُوبِ مَوَاهِباً

خَلَفَنَ عَنكَ مُجَارِياً ومُنَاضِلا

إني لأُرفُلُ في إِلاَكَ فَمِن إِلىً

مُبثُوثَةٍ مِنهَا أمِيلُ ِإلَى إِلَى

شَيِّمٌ أتَتكَ مِنَ الخَدِيمِ سِجَالُهَا

فَغَدَوتَ فِيها لِلخَدِيمِ مُسَاجِلا

إني أقُولُ لِمَن يُؤَمِّلُ حَاجَةً

أو مَن يُحَاذِرُ في الخُطُوبِ هوائلا

أُمَّ الخَلِيفَةَ مِنهُ تُحظَ بِمُنتَهَى

مَا كُنتُ مِنهُ مُؤَمِلاً ومُحَاوِلا

أُمَّ الفَتَى الجَوَّالَ في طُرُقِ العُلاَ

خَيرَ الرِّجَالِ جِبِلَّةً وفَعَائِلا

العَالِمَ الجَمَّ الخِصَالِ المُرتَضَى

والتَّابِعَ السَّنَنَ القَوِيمَ العَامِلا

والسِّيدَ الأَعلَى هُدًى وهِدَايَةً

والأورَعَ الأتقَى الوَلِىَّ الكَامِلا

والمُغني الفُقَراءَ مِن نَفحَاتِه

والمُولِىَ الضُّعَفَاءَ رِفقاً شَامِلا

والغَاسِلَ الرَّينَ المُرِبَّ عَلَى النُّهَى

والكَاسِىَ العِلمَ الغَزِيرَ الجَاهِلا

والمُهدِىَ الغَاوي بِجِذوَةِ سِرِّهِ

وبِجَذبِهِ لِلحَضرَةِ المُتَكَاسِلا

والحَامِلَ بالكَلَّ الذي يُعيِى الوَرَى

والظَّاهِرَ الرُّتبَ العَزِيزَ الخَامِلا

والبَاذِلَ العِلقَ النَّفِيسَ سَمَاحَةً

والحَاكِمَ النَّدُسَ اللَّبِيبَ العَاقِلا

والمُدني السني مِن جَنَباتِهِ

وَالمُنئى البِدَعَ المُمِيتَ البَاطِلا

نَدباً تَفَقًّه في التَّصَوُّفِ يَافِعاً

ودَرى العُلُومَ مسَائِلاً فَمَسَائِلا

يُصغِى لاِنشَادِ القَرِيضِ بِسَمعِهِ

حَتًّى يُظَنُّ بِحِفظِهِ مُتَشَاغِلا

ولِقَلبِهِ في كُلِّ مَعنًى جَولَةٌ

فَتَرَاهُ مِن معنًى جَائِلا

وَيَشُنُّ فِيمَا قَد حَوَاهُ إغَارَةً

فَتَظنُّهُ لَولاَ الجَلاَلَةُ هَازِلا

إِنَّ الفَضَائِلَ إِن أتَينَ جَنَابَهُ

تَكُنِ المُنَى وَجهُنَّ عنهُ جَدَاوِلا

والقَائِلَ المَعرُوفَ في أندَائِهِ

والفَاعِلَ الخَيرَ المُعِينَ الفَاعِلا

ألحَقتَ أفقَرَنَا نَدىً بِغَنِيِّنَا

وَجَعلَت كالبَرَمِ السَّخِىَّ الباذِلا

وبِمَادِرٍ ألحَقتَ حَاتِمَ طَىٍّ

وتَركتَ قُسًّا في البَلاَغَةِ بَاقِلا

حَلَّى جُمَانُ مَنَاقِبٍ لَكَ رُصِّعَت

بِمَنَاقِبٍ جِيدَ الزَّمَانِ العَاطِلا