ما للشجى على برح الغرام يد

ما لِلشَّجَىِّ على بَرحِ الغَرَامِ يَدٌ

ولا تَقَوٍّ ولاَ صَبرٌ ولا جَلَدُ

تُذكِى تَبَارِيحَهُ الذِّكرَى فتُوقِدُهَا

دورُ الأحبَّةِ بالأَلوَى فَتَتَّقِدُ

وإِن تَسَلَّى بنأىٍ أو بِتَذكِرَةٍ

أو إتِّئَادٍ شَجَاهُ النُّؤىُ والوَتِدُ

مَن يَعدُلِ الصَّبَّ في إجرَاءِ أدمعِهِ

يَومَ النَّوَى لم يَجِد بعضَ الذي يَجِدُ

تَحجُو العواذِل ما يَلقَى العمِيدُ دَداً

مِنهُ وما فِآ الذي يَلقى العميدُ دَدُ

في صَدرِهِ نَارُ أشجَانٍ مُؤَجَّجَة

إِن لِيمَ حَرَّقَهُ مِن عذعِها الوَقَدُ

أنفاسُهُ الصُّعَدّا تَغلُو وزَفرَتُه

تَغلِى فَتَنقُلُ أحيانا وتَصطعِدُ

والدمعُ جارٍ إذَا ما كَفَّ واكِفهُ

جَادَت بِما صَانَ منهُ عينُهُ الحَتدُ

وإن تَألَّقَ بَرقٌ بَاتَ في أَرَقٍ

فالصَّبُّ إن لاَحَ بَرقٌ ساهرٌ سَهِدُ

كَأنَّهُ أخِذٌ مِن فرطِ خِفَّتِه

وِردَ الدَّجَاجِيلِ وَرَّادٌ لِمَا يَرِدّ

يأتِيهُم في نَوادِيَهُم وَيمدَحُهُم

إِذ ذاكَ يَغضَبُ مِنهُ الوَاحِدُ الأحَدُ

هذا يُسَمِّيهِ قُطباً في مَدَائِحِه

يَوماً وذَا وَتداً مَا القُطبُ وَالوَتِدُ

إِنَّ امرَءًا جهل عِلم الدينِ دَيدَنُه

ما في طريقتشه هَدىٌ وَلاَ رَشَدُ

وعالِماً قَادَةٌ غَمرٌ لبدعتهِ

حتى أطِّبَاهُ هواهُ الصِّرفٌ والفَنَدُ

لم يَعتِقد فصلَهُ مَن لَيس مُعتَقِداً

في البدعةِ الفَضل إنَّ الفضلَ مُفتَقَدٌ

وَزاعِما أنَّ ذَينِ الزَّائِغينِ عَلَآ

شَىءٍ مِنَ الدينٍِ يُزجَى مِنهُمَا المَدَدُ

قد صَارَ مثلَهَما عِندِي فَإني في

هذَا وفي ذَينِ كُلَّ الزَّيغِ اعتَقِدُا

ولستُ إلاَّ عَلَى الرحمنِ مُعتَمِدَا

مَن ذَا عَلَى مَن سوى الرحمنِ يَعتَمدُ

إني وما كُنتُ أحجُو الظلمَ مَرتَبَةً

لِلشِّيبِ مُنحَلَّةً عنهم بها العُقُدِ

نُبِّئتُ أنَّ سُلحفَاةًُ بهَدِّدني

بَأنَّهُ أسَدٌ صَارٍ لَهُ لِبَدُ

وأنَّ بَطشقَهُ تُخشَى وأنَّ لَهُ

زَاراً يُزلزَلُ منه الطَّودُ والجَلَدُ

وأنَّهُ هَيكَلٌ وَرقٌ مَرَ كِلِّه

مُطَهَّمُ مُحرِرٌ الغَايَاتِ مُنجَرِدُ

أتعَبتَ نَفسَكَ هل تَندَى الصفاةُ إِذَا

عَضَّ امرُؤٌ أودَى بِهِ الدَّرَدُ

قَد رَامَ ضُرَّى وضَيرِى كُلَّ مُنتَصِرٍ

للزيغ وَهوَ عَلَى الشَّحنَاء مُنعَقِدُ

فَلَم يُساعِدهُ مَا قَد كَانَ يَطلبُهُ

ولم يُساعِفهُ فيما رَامَهُ الأبَدُ

لا يَنزَحُ البحرَ غَرفٌ باليُدِىِّ ولا

يَرقَى السماءَ على عِلاَّتَِهِ الخِضدُ

إني لَثَابتُ جأشٍ لا تُزعزعني

هَوجُ الوعيدِ ولا يقتادني المَسَدَ

ولا يُنَهنِهني إستئسَادُ سِيدِ فَلاَّ

غَرثَانَ أعيَاهُ في مَومَاتِهِ السَّبَدُ

لا استَظِلُّ بِجثمَانِ الرَّفيقِ إذَا

ما جَاءَ يَوماً من الأيَامِ مُحتَمَدُ

لا أحسَبُ السِّيدَ في بَيدائِهِ أسَداً

ولا أفِرُّ إذَا مَا جَاءني الأسَدُ

إني الهِزبَرُ الذي إِن رِئَى في بَلدٍ

واحتازَهُ خِيفَ دهراً ذَلِك البَلدُ

تَناذَرني لُيوثُ الغَابِ واحتَجَبَت

عَنِّى الحَوارِدُ مِنها وهى تَرتَعِدُ

إن غاصَ بَحرَ القَوَافي مَن يَغُوصُ بِهِ

في مَوسِمِ الشِّعر والأندَاءُ قَد شَهِدُوا

واستَخرَجَ الزَّبَدَ المَرمِىَّ عَن تَعَبٍ

مِن بَعدِ ما بُثَّ في أعضَائِه النَّجَدُ

أخرَجتُ مِن قَعرِهِ مَكنُونَ لُؤلئِه

هَل يَستوي اللُّولُؤ المَكنُونُ والزَّبَدُ

جُرِّبتُ في كُلِّ مَيدَانٍ جَرَيتُ بِهِ

فكانَ لِى في الرهانِ السبقُ والأمدُ

وبَانَ أني الفَتَى المَرجو نائِلهُ

إِن أرقَصَ القَرمُ يَنحُو دِفاهُ الصَّرَدُ

وأنني إن أبَوا عَن بَذلِ طِرفِهُمُ

أو تَلدِهم هانَ عِندِىَ الطِّرفُ والتَّلَدُ

قَل لِقرىءٍ رَامَ فِآ شَاوٍ مُسَابَقَتِى

لا يَغرُرَنَّكَ دَاءُ الجَهلِ والحَسدُ

لا تستوي البَغلَةُ العَرجَاء إن جَهِدَت

في شَدِّهَا والجَوادُ السَّابِحُ العَتِدُ

ولا الفَصِيلُ الذي أودَى الهُزَالُ بِهِ

والمُقسَئِنُّ عَلَيهِ التَّامِكُ القَرِدُ

ولا يُساوي كَمِيّاً ظالَما عُرِفَت

مِنهُ الشَّجَاعةُ في الهَيجَاءِ مَزدَبِدٌ

إنَّ القَوَافي طَوعِى مَن يُسَابِقنِي

في شَأوِهَا عَاقَه عَن شَأوِيَ الحَرَدُ

إن لُكتُهَأ انبعَثَت مَقبُولَةً وعَلت

في كُلِّ نادٍ ولم ينبُس بِهَا أحدُ

مَشدُودَة القتلِمَا خَانَت قَرِحَتَها

قُوىً وَمَا شَرَدَت عَن أخذِها الشُّرَدُ

مار في بُطُونِ مَعَانِيها إذَا امتُحِنَت

ولا أسَالِيبِها مَيلٌ وَلاَ أوَدُ

ولا إلتِفَاتٌ ولا تَشوِيشٌ مُستَمِعٍ

ولا تَنَافُرٌ ألفَاظِ بَهَا يَرِدُ

لََم أكدِ فِيها ولم أجبِلُّ وَرونَقها

بَادِى الطَّلاَوةِ مُنزَاحٌ بِهِ الكَمَدُ

لَم آتِ لَفظاً غَرِيباً غَيرَ مُطِّرِدٍ

فاللَّفظُ أحسَنُ عِندِى وَهوَ مُطِّرِدُ

ولم أكن قَاصِداً في حَوكِهَا عَدَداً

أبآى بِكَثرَتِهِ إِن يُقصَدِ العَدَدُ

لَكِنَّ قَصدِى استِعَارَاتٌ مُرَشَّحضة

فِيها جِنَاسٌ للَِفّ النَّشرِ مُعتَضِدُ

إِن وُجِّهَت قِبِلَت في القَلبِ تَورِيَّةً

فيها إكتِفَاءٌ ولَفظُ الكُلِّ مُتَّحِدُ

أبدِى طَرائِقَ مِن مَعنَاتِها قِدَداً

فِيها طَرائِفٌ مِن أضدَادِهَا قِدَدُ

إني لَمُصدِرُهَا غُرّاً مُنَمَّقَةً

قَد ثَقِفتهَا مِنَ الفِكرِ الصَّحِيحِ يَدُ

يَهتَزُّ سَامُعها مِن حُسنِ رِقَّتِهَا

رَقصاً فَتَطُربَ منه الروحُ والجَسَدُ

يَنزَاحُ عن عينِ رَائِيَها مُنَشَّرَةً

في رَقِّهَا من مَبَادِى ذَوقِهَا الرَّمَدُ

يَا أيُّهَأ الشَّامِتُ المُبدِى بَشَاشَتَه

مِن ثُلمَةِ الدينش لم يُقدَر لَكَ السَّدَدُ

إِن يُفتَقَد عَالِمٌ مِن بَعدِ شَيبَتِه

الآؤُهُ غَصَّ منها السَّهلُ والجَلَدُ

وَبَعدَ مَا حَجَّ بيتَ اللهِ مُحتَسِباً

مَا عَاقَهُ حِينَ عَاقَ المالُ والوَلَدُ

وبَعدَمَا سُقِىَ الغَاوي عَلاَقِمَهُ

حتى تَحَرَّقَ مِنهُ القلبُ والكَبِدُ

وبَعدَ ما شهِد الأندَاءُ أنَّ لَهُ

سَعياً مُوَافِقَ مَا يَرضَى بِهِ الصَّمَدُ

وأنَّهُ في مَقَامِ الجَمعِ مُنفَرِدٌ

وأنَّهُ بالمَعَالِى الغُرُّ مُنفَرِدُ

وأنَّهُ مَلجَاٌ حَامٍ لِمُلتَجِىءٍ

وأنَّهُ مَنهَلٌ عَذبٌ لِمَن يَرِدُ

وأنَّهُ المُكرِمُ الأضيَافَ مُبتَسِماً

وأنَّهُ المُفحِمُ الأعدَاءَ إِذ وفَدُوا

وأنَّه يَتَمَنَّى اللَّيثُ هَيبَتَهُ

وأنَّهُ لَيثُ غَابٍ خَادِرٌ حَرِدُ

وأنَّهُ المِلِّةُ البَيضضاءُ شَيَّدَهَا

مِن بَعدِمَا سَقَطَت مِن سَقفِهَا العُمُدُ

وَرَدَّ عَن بِدَعةٍ عَمَّت مَضَرَّتُها

إلَى السَّعَادَةِ أَقواماً بِهَا سَعِدُوا

ولم يُدَاهِنُ ثُبَاتِ الغَىِّ عَن طَمَعٍ

وَمَا أَطَّبَتهُ إلِيهم عِيشَةٌ رَغَدُ

وأفنِيَت في رِضَا المَولَى بِضَاعَتُهُ

وأُفرِغَت مِنهُ في نَصرِ الهدى المُدَدُ

وفَتَّشَ الكُتبَ حَتَّى صَارَ غَامِضُهَا

كالشَّمسِ قَد فُتِّحَت عَن ضَوئِهَا السُّدُ

مُلِّئتَ مَِن طَرَبٍ وارتَحتَ مِن كُرًبٍ

وانزَاحَ عَنكَ العَنَا والحُزنُ والنَّكَدُ

حَتَّى بَعَثتَ قَرِيضاً دُونَ دَاعيَةٍ

كَأنَّكَ انقَطَعَت عَن حِزبِكَ الشَّدَدُ

مَزِّق تَصَانِيفَهُ واقتُل عَشِيرَتَهُ

عَلَّ الحَشَا مِنكَ بَعدَ الحَرِّ يَبتَرِدُ

يَا أيَّها العُلَمَاءُ المُنكِرُونَ عَلَى

أهلِ الضَّلالِ ذَا العذبَ الفُرَاتَ رِدُوا

ولا تَهَابُوا ولاَ تَخشَوا ولا تَهِنُوا

ولاَ تَوَانَوا ولاَ تاَلَوا ولا تَجَدُوا

وإن سُقِيتُم كُئوسَ الضَّيمِ فَأصطَبِرُوا

فَالغَىُّ مُنطفيءٌ والحَقُّ مُتَّقِدُ

فَكَافِحُوهُم بِمَا أبدَى الإلَهُ لَكُم

وَبَيِّنُوا في الهدى الوَجهَ الذي قَصَدُوا

وشَرِّدُوهُم إلَى أقصَى البِلاَدِ فَلاَ

يُرضِيكُم اليَومَ إلاَّ الفَادِحُ البُعُدُ

فأنتُمُ الأعلَونَ مَنزِلَةً

لأنَّكُم سَابِقٌ مِنكُم ومُقتَصِدُ

فَعَندِكُم عددٌ جاءَ الكتابُ بِه

وعَندِكُم مِن حديثِ المُصطفي عُدَدُ

صَلَّى عَليهِ إلَهُ العَرشِ مَا طَلَعَت

شَمسٌ وَمَا وَخَدَت عيرَانَهُ أُجُدُ