أدبي بلغت مداك في الآداب

أَدَبي بَلغتَ مَداك في الآدابِ

هذَا الأَميرُ فقِف بنا بالبابِ

لولا جلالُ مشيِبهِ في عَرشِهِ

لمَثلتُ يزهوني لديه شبابي

بَلَدٌ طلعتَ به وجئت رسولَهُ

ألقي عليك تحيةً الترحابَ

ضُمَّت إلى الأمجادِ في تاريخه

ثِنْتانِ من زهوٍ ومن إعجابِ

نَسَبي إليه إذا البنانُ أهاب بي

وإذا بيانُك هزّه بعُجَابِ

إمّا حنى لبنانُ شامِخَ أرزِهِ

للنيل إجلالاً فما من عابِ

الدوحُ فَينانٌ ولكنْ روحه

ماءٌ تَرَقْرَق في ظِلال الغابِ

يا شاعرَ البُؤَساءِ إني ماثِلٌ

بالبالِيَين فَصاحتي وثيابي

خِرَقٌ كأنّ خيوطَها منسولة

لَيستْ تُذيع على المكارمِ ما بي

لمّا وصفتَ البؤسَ بتُّ يَشُوقني

طَرَباً لذاك الوَصْفِ كلُّ عذابِ

فإذا أويتُ إلى بَنيَّ أوَوا إلى

أَلَمٍ تكتَّمَ في غُضونِ إهابِ

غذَّيتَهم بنُهاك يملِكُ روحَهُم

أدبي فذانِ طعامُهم وشرابي

يَجِدون وجدَك في الخطوب كأنما

يتلمسّونَك عندَ كلّ مُصابِ

طالعَتهم في دنْشَوايْ فأَبصروا

حقَّ الضعيفِ معلَّقاً برِقابِ

وإذا رَثيتَ كما رثيتَ محمّداً

سَجَدوا كأن الشيخَ في المِحرابِ

هلاّ وصفتَ لنا السعادةَ مرّةً

فالوهمُ بعضُ جمالها الخلابِ

لولا اتّقاءُ غدي عبِثتُ بعهدها

ونفضت منه يدَيَّ يوم حسابي

الشعر أنتَ عواطفاً وصِياغةً

صُغْهُ حُليّ النفسِ والألبابِ

إن الذي ملَك البيانَ لَقادِرٌ

أَنْ يَخلُق النُّعمى من الأوصابِ

حَيَّاكَ لبنانُ ورُبَّ تحيةٍ

هي كلُّ ما في الكفّ للأحبابِ

مَن قال يوم مدحتَهُ فهززتَهُ

إنَّ المديحَ يَهُزّ شُمَّ هضابِ

أعظِم به بلداً أَقَام جلالَهُ

ما بين راسخةٍ وبين سِحابِ

ملك الجمال أُحبُّه وأعزّه

بالأطيبين الجوّ والأحبابِ

كلُّ التراثِ لنا إذا انتسب الفتى

طيبُ الهواء وَجودةُ الأنسابِ

غُضَّ الجفونَ إذا أردتَ سواهما

إنا كمصرَ مناهلُ الأغرابِ

بِتنا كما باتَ الشريدُ على ونىً

يُغرِيه في الصحراءِ كلُّ سَرابِ

لو صَانَني قَوْمي وصَانوا مجدَهُمْ

حُبَّ العُلى مشتِ العُلى برِكابي

خلَعَ الشقاءُ عليّ كلَّ لبوسِهِ

لمّا خلعتُ عباءَهَ الأعرابي

شيخُ البيانِ أتى الحمى مستشفياً

فأعادَهُ لبنانُ شيخَ شبابِ

حيِّ الكنانَة بالسلام وقلّ لها

لبنانُ جارُ رضىً وعُدْ بإيابِ

أهدى إليكَ وسامَه فاحمل به

ذكرى الوفاءِ لمصرَ والآدابِ