دار الولي إذا ما مات عامرة

دارُ الوَلِيِّ إذا ما ماتَ عامِرَةً

لها من الحالِ أَبوابٌ وأَرْكَانُ

كأنَّهُ حاضِرٌ فيها بهيْئَتِهِ

يَراهُ من فيهِ عِرْفانٌ وإِيمَانُ

عظِّمْ مَساكِنَهُمْ كرِّمْ منازِلَهُمْ

فهُمْ بها دائِماً واللهِ سُكَّانُ

إنْ باعَدوا منزِلاً يَزهو برَوْنَقِهِمْ

كأنَّهُمْ فيه باتوا أيْنَما كانُوا

الحمدُ للهِ منهُمْ في عَصائِبِنا

قومٌ لقافِلَةِ الأَقْطابِ أَعيَانُ

ماتوا بُنيَّ وما ماتَتْ مَكارِمُهُمْ

فَهُمْ لَعَمْرِي لعينِ المجدِ إِنْسَانُ

قامتْ مَنابِرُهُمْ في كلِّ زاويَةٍ

ومِنْهُمْ بفُؤادِ الخَصْمِ نيرَانُ

قومٌ إذا عارَضَ المِيدانُ فارِسُهُمْ

يرتَجُّ منه بيومِ العَجِّ مِيدَانُ

يُنازِلونَ المَنايا يهْزَؤون بها

يومُ العَريكَةِ رُكْبانٌ وفُرسَانُ

مُعَرْبِدونَ سُكارى أَهلُ جَلْجَلَةٍ

لهُمْ على قُبَّةِ النِّسْرَيْنِ ديوَانُ

من كلِّ فحلٍ كَبيرِ القلبِ ذي مَدَدٍ

له على شأنِهِ المَخْفِيِّ بُرْهَانُ

يقومُ واللَّيلُ مُرْخاةٌ كَلاكِلُهُ

يبكي انْدِهاشاً وقلبُ الخِبِّ فَرْحَانُ

مُحَجَّبٌ عندَهُ الأَكوانُ فانِيَةٌ

وقامَ منهُ على الأَهواءِ سُلْطَانُ

كأنَّ ما فُرِشتْ بُسطُ الوُجودِ به

وأنَّ ما مَلَكَ الدُّنيا سُلَيْمَانُ

راقتْ موارِدُهُ والوَجدُ هيَّمَهُ

للهِ والدَّمعُ منه الدَّهرُ هَتَّانُ

من عُصْبَةٍ مَشْرَبُ المُخْتارِ مشرَبُهُمْ

دوماً مع اللهِ إن عزُّوا وإنْ هانُوا

منهُمْ لَنا في أَراضي الشَّامِ طائِفَةٌ

أَهلٌ كِرامٌ وأَحبابٌ وخُلاَّنُ

قدْ عاهَدوا اللهَ عهداً لا انْفِكاكَ لهُ

ماتوا عَلَيْهِ وما مالوا وما خَانُوا

لهُمْ بقيَّةُ آلٍ خلفَ إثرِهِمِ

ساروا على طَوْرِهِمْ بل طورَهُمْ صَانُوا

إمامُهُمْ مُنْتَقى أَفْرادِهِمْ حَسَنٌ

وادي النَّدى من له المَعْروفُ عُنْوَانُ

شيخٌ مع اللهِ في أَطْوارِهِ أَبداً

لهُ ترجَّحَ في الأَقْوامِ ميزَانُ

كأنَّني وطُبولُ ِّرضِ ضارِبَةٌ

له ومنهُ على العَلْياءِ صِيوَانُ

عَقيلَةٌ من أَبي العَبَّاسِ تجمَعُنا

وكُلُّنا ضِمنَها في الرَّوْضِ أَغْصَانُ

أَنا الخَفِيُّ بلا أَهلٍ ولا وَلَدٍ

نعمْ ولي منهُمُ آلٌ وإخْوَانُ

سيُطْلِعُ اللهُ منهُمْ بدرَ معرِفَتي

يُجْلى ومن دونِهِ في النَّسْجِ كِيوَانُ

يكونُ من بعدِ طَيٍّ نَشْرُ مظهَرِهِ

وكلُّ شيءٍ لهُ وقتٌ وإِبَّانُ