روحينا يا نسيمات الصبا

روِّحينا يا نُسَيْماتُ الصّبا

واحْمِلي للشَّيبِ أَنفاسَ الصِّبا

وعلى الضِّلعَيْنِ من بانِ النَّقا

فانْشُري من نشرِ من نهوى خِبَا

وإِذا عدْتِ بأَسرارِ الحِمى

مازِجي حينَ السُّرى ريحَ الكَبَى

ثمَّ هُبِّي برُبانا صَنْدَلاً

وانْشُري مِسكاً علينا طَيِّبَا

كم نشرْنا في المَعاني خَبَراً

وطَوَيْنا للتَّداني سبسَبَا

وانتَظَرْنا طالِعَ الفجرِ لهم

فقرَأْنا من سَناهُ الكُتُبَا

وروَيْنا في اللِّوا أخبارَهُمْ

ما رويْنا خَبَراً عن زَيْنَبَا

وولِعْنا فيهُمُ عن غيرِهِمْ

ما أَلِفْنا دونهُمْ بيضَ الظِّبَا

آهُ منهم آهُ هِجرانِهِمْ

كم كَوى قلباً ولُبًّا أَذْهَبا

والأَفانينُ التي في عشقِهِمْ

علَّمَتْ أهلَ الجُحودِ الأَدَبَا

مَنْ عَذيري بفُؤادٍ فيهُمُ

لعِبَتْ في سُوحِهِ أَيدي سَبَا

مِنْ هواهُمْ لُبُّ قلبي ذائبٌ

إِنَّما يدري الهَوى مَنْ جرَّبَا

قال ساقيهمْ خُذِ الكأَسَ ومُتْ

رَشقوا فوقَ التُّرابِ الحَبَبَا

مِنْ بِعادي عن حِماهُمْ سَقَمي

حَرَباً واحَرَبا واحَرَبا

لو بدتْ لي نظرةٌ مِنْ وجهِهِمْ

لملأتُ الكونَ فيها طَرَبا

أَنا فيهُمْ غائِبٌ عن مشهَدي

صِرْتُ بين القومِ فيهِمْ عَجَبَا

يا سُعادُ الله في قلبي بهِمْ

قد شقَقْتِ يا سُعادُ الحُجُبا

وأخذْتِ الظُّلمَ فيهم دَيْدَناً

وأخذْنا الصَّبرَ طوْعاً مذهَبا

رفرَفَ العشقُ على ألبابِنا

ثمَّ أَتبعْناهُ مِنَّا سَبَبَا

قُطِعَتْ حيلتُنا في حُبِّهم

هكذا الله تعالى كَتَبَا

كيفَ أَنسى بينَ رُكبانِ الحِمى

يومَ قالوا يا غريبَ الغُرَبا

أَثبَتوا لي في هواهُمْ غُرْبَتي

إِنَّ في هذا منَ الغيبِ نَبَا