سر بطريق الله حتى المنتهى

سرْ بطريقِ اللهِ حتَّى المُنْتَهى

إذْ ليس للإَنسانِ إِلاَّ ما سعَى

وقفْ على البابِ الإِلهِيِّ وكنْ

مُقتفِياً بالصِّدقِ إِثرَ المُصْطفى

وصحِّحِ النيَّةَ في الدِّينِ فما

للعبدِ عند الرَّبِّ إِلاَّ ما نوَى

وسلسِلِ الدَّمعَ على الخدِّ دُجًى

فكم جرَى الخيرُ إذا الدَّمعُ جرَى

وحاذِرِ الغفلَةَ أنْ تُبلى بها

فما مُحِبٌّ حاذِقٌ كمن سهَا

وكنْ مع الشَّرعِ ولازِمْ حكمَهُ

فظُلمَةُ القبرِ جَزاءُ من عدَا

وإِنْ دُعيتَ لكلامِ المُصْطَفى

أَطِعْ وحاذِرِ لا تكنْ كمن طغَى

فأَمرُهُ عن ربِّهِ وإنَّهُ

لم يَنْطِقَنْ وحقِّهِ عن الهوَى

وجانِبِ الهَوَى ولا تركَنْ له

فكم له مُنْصَرِعٌ على القَفَا

ودعْ حِمى العِصيانِ يوشَكُ الفتَى

يعثُرُ إِنْ حامَ الفَتَى حولَ الحِمَى

وكحِّلِ العينَ بإِثْمَدِ التُّقَى

فإنَّما الوِزْرُ إلى العينِ عَمَا

وخذْ معاني الغيبِ عن شريعَةٍ

منْهَجُها لربِّنا النَّهجْ السِّوَى

ولا ترَ النَّفسَ فإنَّ الدَّاءَ أَنْ

يُكابِرَ المرءُ أوِ النَّفسَ يَرَى

وفارِقِ الخِلَّ الذي طريقُهُ

مُجْتَذِبٌ زِمامَهُ إلى الغَوَى

ورافِقِ التَّقيَّ واغْنَمْ وقتَهُ

فلذَّةُ العيشِ بأَصحابِ التَّقَى

وارْوِ كلامَ المُصْطَفى مُحَقَّقاً

ما كُلُّ راوٍ إِنْ روَى القولَ رَوَى

واسْرِ مع القومِ على آدابِهِمْ

عندَ الصَّباحِ يحمدُ القومُ السُّرَى

وسلِّمِ الأمرَ لمولاكَ وكنْ

مُعتصِماً بحبلِهِ عن السِّوَى

ولازِمِ البيتَ بخُلقٍ رَيِّضٍ

كم آفةٍ تأتي الفَتَى إذا مَشَى

وصنْ بنيَّ العينَ لا تنظرْ بها

إِلاَّ مُباحاً وبه الشَّرعُ أَتَى

ورِجلَكَ احفظْها فلا تبعَثْ بها

لغيرِ ما يُرضي أَساطينَ النُّهَى

وباعِدِ الكِبْرَ ولا تحفَلْ به

فالكِبْرُ قاطِعٌ أساليبَ العُلَى

وكنْ وَقوراً رَبَّ خُلْقٍ رَيِّضٍ

ما خفَّ في مجلِسِهِ رَبُّ حِجَا

واجعلْ نِظامَ الدِّينِ حُكماً قاطِعاً

لا تقضِ بالرَّأيِ إذا الدِّينُ قَضَى

وخالِفِ المُعْوَجَّ في مذهبِهِ

إِنْ سَفُلَ الشَّأنُ به وإِنْ عَلا

ولدِفاعِ الكَرْبِ باللهِ استغِثْ

فإنَّ ربِّي لم يخيِّبْ من دَعا

وخذْ من الخَشْيَةِ دِرعاً صَيِّناً

واذْكُرْ بها مُوسى وسيناءَ طُوَى

فالأَمرُ لله تعالى راجِعٌ

وعندَهُ سُبحانَهُ كلُّ المُنَى

واسَتقْصِرِ الأَوقاتَ واعملْ ضمنَها

للهِ مشغولاً بفكْرِ المُلْتَقَى

وعامِلِ الدُّنيا على مشرَبِها

فإنَّما الدُّنيا قصيرَةُ المَدَى

إِن خادَعَتْكَ رُحْ بها معتبِراً

ما صَنَعَتْ بغشِّها فيمَنْ مَضَى

وخُذْ من اللَّيلِ زَماناً طيِّباً

الصُّبحُ لا تغفَلْ به ولا الضُّحَى

ولاحِظِ الأَنفاسَ في مُرورِها

فليسَ بالفتَى المُحِبُّ إِنْ لَهَا

وطيِّبِ الفقيرَ واجبُرْ قلبَهُ

لكلُّ ما يمكِنُ واترُكْ ما نأَى

وصافِ من صافاكَ واحفَظْ وُدُّهُ

ولا تكنْ محتفِلاً بمن قَلَى

وعظِّمِ الخِلَّ الوَفِيَّ باطِناً

وخلِّ بالإِهمالِ قلباً من جَفَا

وإِنْ علوْتَ كنْ لطيفَ مشرَبٍ

ما أقبَحَ الفَظَّ الغَليظَ إِنْ عَلا

وصِرْ رَؤوفَ القلب بالنَّاسِ وكنْ

مُخالِفاً لربِّ لؤْمٍ قد قَسَا

وكنْ سخِيًّا من حلالٍ وارِدٍ

إليكَ من إِحسانِ رافِعِ العُلَى

إِنَّ السَّخِيَّ بحرامٍ نَكِدٌ

مع البخيلِ المُفرِطِ الشُّحِّ استوَى

وقاطِعِ الكَذوبَ في فِرْيَتِهِ

فإنَّما المَلعونُ عادٌ افْتَرَى

وخَلِّ من رابَى وخذْهُ جانِباً

فالجائعُ الفقيرُ آكِلُ الرِّبا

وخادِشُ الأَعراضِ لا تقرَبْ له

دهراً فذاكَ دربُهُ دربُ لَظَى

ورُدَّ للنَّمَّامِ ما يأتي به

لوجهِهِ فذاكَ مأسورُ الهَوَى

وإِنْ ترَ المُطيعَ فاقْبِضْ ذيلَهُ

وفارِقَنْ وجهاً وقلباً من عَصَى

أعظِمْ شُؤُنَ الصَّحبِ طُرًّا إنَّهم

أَئمَّةٌ والكُلُّ منهم مُقْتَدَى

والآلُ آلُ المُرْتَضى فاحْبِبْهُمُ

حبًّا لذاتِ المُصْطَفى والمُرْتضَى

واحْبِبْ رجالَ اللهِ للهِ وقفْ

ببابِهِمْ والله خيرُ من هَدَى

وكنْ لهم لأَجلِهِ مُصْطفِياً

قد يصطَفي العبدُ من الله اصْطَفَى

ولا ترَ التَّأثيرَ فيهم إنَّه

شِرْكٌ بلِ الفَعَّالُ يُمضي ما مَضَى

آثارَ أسرارٍ بهم أَودَعَها

كاللَّيلِ قد أودَعَهُ عتمَ الدُّجَى

واحْفَظْ لهم حُقوقَهُمْ لأَجلِهِ

أهلُ العُقولِ تَرْتَضي من ارْتَضى

وهم لَعَمْري لو عرَفْتَ من هُمُ

أَتباعَ طَهَ التَّابِعونَ من قفَا

من قالَ إنِّي منهمْ ولم يكنْ

مقيَّداً بالشَّرعِ ضلَّ وغَوَى

بيِّنةٌ ظاهِرةٌ فخُذْ بها

ودعْ سبيلَ كاذِبٍ قدِ ادَّعَى

واعطِفَ على الجَارِ وكنْ عزًّا له

واستعمِلِ العفوَ إذا الجارُ اعْتَدَى

وصلْ أُولي الأَرحامَ مهما قاطَعوا

عن قطعِهِمْ نبيُّنا الطُّهْرُ نَهَى

للوالِدَيْنِ احفَظْ حُقوقاً جَمَّةً

حالَ الحياةِ أَو هُما تحت الثَّرَى

واحفَظْ وِداداً من أَحبَّاهُ وكنْ

ممتَثِلاً في ذاكَ أَمرَ المُجْتَبَى

وارْعَ بنيَّ العهدَ لا تهمِلْ له

أَمراً فحكْمُ العهدِ ديناً يُبْتَغَى

وصُنْ حُقوقَ النَّاسِ لا تعبَثْ بها

بذلك السَّطرُ على اللَّوحِ جَرَى

ينكشِفُ الغِطاءُ بالموتِ وقدْ

يُسأَلُ عن أَفعالِهِ من قد بَغَى

واكْظِمِ الغيظَ وطِبْ قلباً ولا

تسترسِلِ النَّبْلَ متى الذِّئبُ عَوَى

وخُذْ من القلبِ سلاحاً ماضِياً

على العدوِّ إِنْ بِلا حقٍّ سَطَا

اقْرَبَ للتَّقوى ترى العفوَ فكنْ

عند بُروزِ قُدرةٍ ممَّن عَفَا

وإِنْ دَهى طامِسُ كربٍ فاعْتَصِمْ

باللهِ كم كربٍ بذا الشَّأْنِ انْجَلَى

وإِنْ تناهَى فادِحٌ بشدَّةٍ

قلْ حسبيَ اللهُ تعالى وكَفَى