حي الأساتذة الكرام تحية

حيّ الأساتِذةَ الكرامَ تحيّةً

تُزري بعرفِ المسك والريحانِ

عذراءَ مصدَرُها سُوَيداءُ الحشا

أحلى وأشهى من عروسِ الحانِ

وأرقُّ من نَغَم البلابلِ عندما

تستَقبِلُ الأصباحَ بالألحانِ

وأخَف من نسَماتِ نيسانٍ وَقد

خَطَرت مُداعبَةً غُصونَ البانِ

وأحرّ من قلبِ المشوقِ إذا دعا

داعي الفراقِ ومُهجةِ الغيرانِ

فأزفّها لكمُ يشارِكُني بها

الشَعبُ الكريمُ وصفوةُ الشبّانِ

والقَلبُ من فَرط السرور مُصَفّقٌ

والروحُ ترقُصُ رقصةَ النشوانِ

والكلُّ مغتَبطٌ بيومِ إيابكُم

فَرِحٌ وهذي حالةُ الوَلهانِ

فلو أنّنا نَستقبلُ العيدَين في

أَفراحهِ لاستَبشَرَ العيدانِ

زَهَتِ المدارسُ وانثَنى طلّابُها

لقُدومِكُم يتَبادلونَ تهاني

لا غروَ فالطلابُ قد عَشِقوا بكُم

صِدقَ الوفا وطهارةَ الوجدانِ

والعطفَ والميلَ البريءَ ولا

غرابةَ فالمُعلّمُ والدٌ متفانِ

شكَتِ الأوامَ نُفوسُهُم فتذَوَّقَت

تلكَ النفوسُ حلاوةَ الإيمانِ

وأمامَ مصباحِ الثقافةِ قد تلاش

تِ ظلمَةُ الأفكارِ والأذهان

وغَرَستمو بحدائِقِ الأرواحِ كل

حميدةٍ والروحُ كالبُستان

فالمرءُ بالعَقل المنيرِ وإن دجا

ما الفرقُ بين المرءِ والحيوانِ

إنّ الشباب إذا زكَت أخلاقهُ

والنفسَ طهّرَها من الأدرانِ

هُوَ في البلادِ ولا إخالكَ جاهلاً

بمثابةِ الأرواحِ بالأبدانِ

هوَ قلبُها الخفّاقُ والركنُ القوي

مُ وَسورُها الحامي من العدوان

باللَهِ يا رُسلِ الثقافةِ خبّرو

نا كيف حالُ الأختِ يا إخواني

أعني فلسطيناً وكيف أمين

نُها وجنودُه وبقيّةُ السكّانِ

بعدَ الكفاحِ وبعدما بثّ اليهو

دُ شُرورَهم فيها بكُلّ مكان

إنّي سمِعتُ نداءَها وسمِعتُ تَل

بيةَ الضياغمِ من بني عدنان

وزئيرَ أشبالِ العروبةِ من بَني

غسّانَ لا نُكِبوا بنو غسّان

وتقولُ يا أشبالَ آسادِ الشرى

جاءَ اليهودُ ودنّسوا أحضاني

لا درّ درّ الغادرين فإنّهُم

وعدوا اليهودَ بقسمةِ البُلدانِ

وبنيَّ كالغرباءِ في أوطانِهِم

أو ليسَ هذا مُنتهى الطغيان

فهناكَ فاضَت بالدموع محا جرى

وَأَجبتُها بتوَجِّعٍ وحنانِ

يا مَهبطَ الوَحي القديم ومَرقدَ

الرُسلِ الكرامِ ومَنبعَ الأديان

لا تحزني ليسَت بصفقةِ رابحٍ

يا أُختُ بل هيَ صفقةُ الخسرانِ

ما وَعدُ بلفورٍ سوى أُمنيةٍ

ونداؤُهُ ضربٌ منَ الهذَيانِ

أبناءُ عدنانٍ وغسّانٍ وما

نادَيتُ غيرَ الصيدِ والشجعان

الصامدونَ إذا الصفوفُ تلاحَمَت

وتصادمَ الفُرسانُ بالفُرسان

والضاحكونَ إذا الأسنّةُ والظبا

هتَكَت ظلامَ النَقع باللمعان

والهاتِفونَ إذا الدماءُ تدفّقَت

أعني دما الأبطالِ بالميدانِ

وإذا الصوارمُ والقَنا يومَ الوغى

ذَرَفَت على الشهداءِ دمعاً قاني

آنَ الأوانُ وقيتُمو كيدَ العِدا

والخَصمُ بالمرصادِ كالثُعبانِ

ثوروا وَرُدوا كَيدَهُ في نَحرهِ

وذيولهِ لا عاشَ كلُّ جَبانِ

ما كانَ بالحسبانِ أن يهبوا

اليهودَ بلادَنا ما كانَ بالحسبانِ

لتُبَرهنوا أنّ النفوسَ أبيّةٌ

وليرجِعوا بالذلِّ والخذلانِ

يانشءُ هل من نهضةٍ نُحيي بها

المجدَ الأثيلَ كنَهضةِ الجابانِ

يا نشءُ هل من وثبةٍ نشفي بها

هذا الغليلَ كوثبةِ الطليان

يا نشءُ هل من صرخةٍ تدع العِدا

صرعى الذهولِ كصرخَةِ الألمان

يا نشءُ عَرقَلَتِ العمائمُ سيرنا

والدينُ أضحى سُلّماً للجاني

يا نشءُ وا أسفا على دينٍ غدا

أحبولةً للأصفر الرنانِ

فجرائمُ العلماءِ وهيَ كثيرةٌ

تنمو بظلّ الصفحِ والغُفران

كيفَ النهوضُ بأمَّةٍ بلهاءَ لا

تنفَك عاكِفَةً على الأوثان

هيهات نبني ما بناه جدودنا

وننال في هذي الحياة أماني

وشريعةُ الهادي غدت واحسرَتا

في عالمِ الإهمالِ والنسيانِ

نرجو السعادةَ في الحياة ولم نُنَفِّ

ذ في الحياة أوامر القرآن

بالدينِ قد نالَ الجودُ مناهمُ

وغدوا وربي بهجةَ الأزمان

فتحوا الفتوحَ ومهّدوا طُرق العلا

واستسلَمَ القاصي لهم والداني

طرَدوا هِرقل فراح يندبُ ملكهُ

وقَضوا على كسرى أنوشروانِ

وعَنَت إلى الخطابِ تخطبُ ودَّهُ

رُسلُ الملوكِ لهيبَةِ السلطانِ

والسعدُ رافقَ سعدَ في غرواتهِ

فقَضى صلاةَ الفتحِ بالإيوانِ

وتقَهقرت ذعراً لصولةِ خالدٍ

يومَ النزالِ كتائبُ الرومانِ

قادَ الجيوشَ بهمّةٍ وثّابَةٍ

وبهِ تحُفُّ ملائِكُ الرحمنِ

والمجدُ تَوَّجهُ بتاجٍ زاهِرٍ

ما مثلهُ تاجٌ من التيجانِ

وغزا صميمَ الشرقِ جيشُ قُتَيبَةٍ

وتوَغّلَ ابنُ زيادِ في الأسبانِ

وبنى معاويةٌ بجلَّقَ عرشَهُ

فأضا سماءَ الشرقِ تاجُ الباني

وحنَت لهَيبَتِهِ الملوكُ رؤوسَها

ولمن تلاهُ من بني مروانِ

وأقامَ هرونُ الرشيدُ وإبنُهُ

المأمونُ صرحَ العلم في بغدان

ومجالسُ العلماءِ والعظماءِ والأد

باءِ والشعراء والندمان

واليومَ أينَ حضارةُ العربِ التي

أنوارُها سطَعَت على الأكوانِ

وبنايةُ المجد التي قد ناطحَت

هامَ السماكِ ومشعلَ العِرفانِ

عصفَت بها ريحُ الفساد فهدّتِ

الأركانَ رغمَ مناعةِ الأركان

وطني وصيّرنا الزمان أذلّةً

لنعيشَ في الأوطان كالعبدانِ

نعصي أوامرَ كلّ فردٍ مُصلحٍ

والدينُ ينهانا عن العِصيان

والختلُ والتدجيلُ قد فتكا بنا

وتَقودُنا الأطماعُ كالعميانِ

كلٌّ بميدانِ للذائذِ والهوى

تَلقى عواطِفَه بغيرِ عنانِ

ذو المالِ نغفرُ ذنبَهُ ونُجِلّهُ

أبداً فتلقاهُ عظيمَ الشانِ

أمّا الفقيرُ فلا تسَل عن حالهِ

حالٌ تُثيرُ لواعجَ الأشجانِ

والحُرُّ نُشبعهُ أذىً ونُذيقهُ

سوءَ العذابِ ولا يزالُ يُعاني

ونُحيطُ بالتعظيمِ كلّ منافقٍ

باعَ الضميرَ بأبخسِ الأثمانِ

ما نحنُ في وطنٍ إذا صرخَ الغيورُ به

يرى نفراً من الأعوانِ

ما نحنُ في وطنٍ إذا نادى الأب

يُّ به يُجابُ نداهُ يا أقراني

وطنٌ بهِ يتجرَّعُ الأحرارُ وا

أسفاهُ صابَ البُؤسِ والحرمانِ

ويلاهُ أجنِحَةُ الصقورِ تكسَّرَت

والنسرُ لا يقوى على الطيران

وأرى الفضاء الرحبَ أصبحَ مسرَحاً

واحسرَتا للبوم والغربانِ

والليثُ أمسى بالعرينِ مُكَبَّلا

والكَلبُ يرتَعُ في لحومِ الضانِ

ما أن يُطَبِّلُ في البلادِ مُطبِّلٌ

حتى تُصَفّقُ عصبَةُ الشيطانِ

أو كلّما نعبَ الغُرابُ وغصَّ في

تنعابهِ نعبَ الغُرابُ الثاني

فلمَ التخاذلُ والعروبةُ أُمُّنا

ولمَ الشقاقُ ونحنُ من عدنانِ

ولم التفاخرُ بالموائدِ والملاب

سِ والأثاثِ وشاهقِ الجُدرانِ

ولمَ التعصّبُ بالمذاهبِ يا بَني الأ

وطانِ وهوَ أساسُ كلِّ هوانِ

فقلوبُنا للَهِ والأجسامُ

للغَبراِْ والأرواحُ للأوطانِ

فتعاضدوا وتكاتَفوا وتآلفوا

وتساندوا كتسَاندِ البُنيانِ

وتآمروا بالبرِّ والتقوى ولا

تتآمروا بالإثمِ والعدوانِ

تجري السفينةُ في مُحيطٍ هائلٍ

وعُيونُنا ترنو إلى الربانِ

كيفَ السبيلُ إلى النجاةِ ولم تَزل

عُرضَ الخضمّ سفائنُ القُرصانِ

ربّاهُ جارَ الأقويا فانظُر إلى

ما يفعَلُ الإنسانُ بالإنسانِ