غادة حطم الفؤاد بكاها

غادة حطّم الفؤاد بكاها

ليت شعري ما بالها ما دهاها

قد حباها اللَه الجمال ولكن

لم يصنه يا ليته ما حباها

وقفت حول ذلك الشاطيء

الرملي ليلا تبثّه شكواها

واستحال الإعوال فيها أنينا

حين جفّت من فرطه مقلتاها

تلطم الصدر تارة وتشق

الجيب أخرى حتى إذا أعياها

سامرت أنجم السماء وناجت

بسكون الدجى الهلال أخاها

ملأ اليأس قلبها يا لحزني

والآسى شفّ روحها وبراها

وتنادي والناس لاهون عنها

يا إلهي هلا أجبت نداها

لا قريب حنا عليها ولا

خل شفيق بحزنها واساها

فتح الليل صدره لثريا

وبكى الموج رحمة لصباها

أدهاها من الهوى ما دهاني

فقلاها حبيبها واجتواها

أم رماها كما رماني زماني

بعواديه ليته ما رماها

فحداني إلى الفتاة شعور

لاقت الروح منه ما أضناها

فحثثت الخطى إليها بجنح

الليل والناس نوّم لأراها

فإذا بي أمام عذراء تحكي

الورس من فرط حزنها وجنتاها

فدعتني إلى الدنوّ إليها

بعد لأي واغرورقت عيناها

حيث شاهدت هيكلا من عظام

حطّمته الأقدار ما أقساها

نظرة قطّعت نياط فؤادي

إن تسلني يا صاح عن عقباها

جرّعتها الأيّام صابا مريرا

وسقتني فكيف لا أرعاها

ونسى قلبي الحزين أساه

بعد ما شاطر الفتاة أساها

كفكفت دمعها وكفكفت دمعي

وسألت العذراء عما دهاها

فشكت ظلم أمها وأبيها

قاتل اللَه أمها وأباها

حمّلاها ويلاه عبئا ثقيلا

رزحت تحته فلم حمّلاها

أرغماها على الزواج بشيخ

ذي ثراء من أجل ذا أرغماها

حدّدا موعد الزفاف فجاءت

تندب الحظ حين خاب رجاها

وجه ذاك الشيخ المجعد ألقى

الرعب في قلبها وأطفا سناها

أمن العدل أن تزفّ ثريّا

لعجوز فأين أين فتاها

فمن الظلم أن تشاطره العي

ش وقد كان مصدرا لشقاها

ومن الظلم أن تساق إلى من

صوته لا تطيقه أذناها

ومن الغبن أن تلامس خدّاً

ذا غضون كخده خدّاها

ومن الغبن أن يداعب في كفّ

نحيل ككفّه نهداها

ومن الغبن أن تقبل ثغرا

خاويا مثل ثغره شفتاها

ومن الغبن أن ترفّ على فودي

عجوز كحامد خصلتاها

ومن الغبن أن يطوّق جيدا

معرقا مثل جيده ساعداها

هل رأيتم ورقاء هامت بنسر

وسمعتم بوكره نجواها

أو رأيتم غزالة عشقت يا

قوم ذئبا وطوّقته يداها

هيّا الشيخ يا إلهي نعشا

من حنايا ضلوعه لصباها

ثم راح العجوز ينسج أكفان

ثريا من لحية أرخاها

ومن أحضانه أعدّ لها قب

راً وهذا ما اختاره أبواها

ربّ رحماك بالفتاة ورفقا

فكفاها ما حمّلاها كفاها

أنهك الذلّ جسمها وهي في مق

تبل العمر لم تحقّق مناها

خسرت خالدا رفيق صباها

وعلى نبذ خالد أكرهاها

عاهدته على الزواج فلم تهو

سواه وما أحبّ سواها

هي لولاه لم يلذّ بها العيش وما

عاش خالد لولاها

خالد ذلك الفتى الطيب القل

ب النبيل الشعور لا ينساها

كيف ينسى تلك الفتاة التي كم

أعربت عن إخلاصها ووفاها

كيف ينسى تلك الفتاة التي لم

ير في هذه الدنيا إلّاها

كيف ينسى تلك التي ودّعته

ببكاها وأودعته حشاها

كيف ينسى تلك التي يذرف الدم

ع إذا ما مرّت به ذكراها

كيف ينسى تلك التي كم وكم ضاهى

بإخلاصها العظيم وباهى

كيف ينسى تلك التي تترامى

بين أحضانه وتشكو هواها

كيف ينسى تلك التي كم وكم بل

كم وروّى غليله من لماها

هيَ بالأمس غادةٌ ذات دلّ

يملأ النفس غبطة مرآها

هي بالأمس وردةٌ تنعش الأرواح

بل يسكر القلوب شذاها

هي بالأمس دمية تبعث الإيمان

بالقلب جلّ من سوّاها

وهي اليوم هيكل من عظام

قاتل اللَه أمّها وآباها

طلع الفجر وافترقنا ولم أد

ر أتسطيع حملها قدماها

أرغمتني على التخلف عنها

إي وربّي وخلّفتني وراها

بأبي غادة تسير الهوينا

حول ذاك الشاطي تجرّ رداها

وبأمّي عذراء حطّمت الأوصاب

في ميعة الشباب قواها

وبروحي هيفاء تهتزّ لا تيها

ولكن من فرط ما قد عراها

تتخطّى الصخور حتى إذا ما

خار عزم الفتاة ألقت عصاها

وقفت حول ذلك الصخر كالتمثال

فاهتزّ هزّة من بكاها

ظمئت روحها ولم تر كأسا

غير كاس الردى تبلّ صداها

سكنت روحها إلى خاطر مرّ

بها رغم أنّه أدماها

ثمّ صاحت لبّيك والبحر ساجٍ

ليت شعري من الذي ناداها

أدعاها الردى فلبّت نداه

أم دعته يا ليته ما دعاها

رفعت وجهها ونادت إلهي

قد دعتك العذراء فاقبل دعاها

رأت العيش في جوارك أمنا

فاجعل الخلد يا إلهي قراها

حست الكاس وهي صاب مرير

لا تلمها فكم محبّ حساها

إيه يا مذبح الهوى ها هي الرو

ح فخذها من بائس أهداها

ووداعا يا سؤل قلبي وداعا

من فتاة لم ترو منك ظماها

من فتاة فدتك بالروح فاحفظ

عهدها وانتظر فسوف تراها

أرسلت نظرة إلى البحر لم يعرف

سوى البحر ويحه مغزاها

أعقبتها بصرخة ردّد الأفق

وقد خيّم السكون صداها

نكثَت شعرها فراح نسيم

الفجر يلهو به ويلثم فاها

حملته إلى رفيق صباها

قبلاً لو سمعت موسيقاها

حجبت وجهها بكلتا يديها

لا عن الموت حينما وافاها

بل عن الشمس أختها إذ أطلّت

لو رأت وجهها هوت من سماها

فتح البحر والشوطيء باك

لثريّا أحضانه فاحتواها

يا ثريا قضوا عليك فواها

يا ثريا على شبابك واها

أعف يا ربّ عن ثريّا فهذا

ما جنوه لا ما جنته يداها

قتلوها أب وأمّ وزوج

آه لو مات هؤلاء فداها

ربّ رحماك بالحبيب إذا ما

عاد والشوق شفّه للقاها

كم فتاة ربّ اسعدها

الحسن وهذي جمالها أشقاها