يا ليتني فوق الغصون حمامة

يا ليتني فوق الغصون حمامة

لأنوح بالآصال والأسحار

علي أرى في الروض من يفضي

إليّ بسرّه وأبثّه أسراري

أو أنّني بين النسائم نسمة

لأبشّر الأطيار في آذار

وأطوف بعد الأرض آفاق السما

لأرى مكان حبيبي المتواري

يا ليتني بين الورود فراشه

تروى الصدى من أكؤس الأزهار

حتّى إذا شفت الغليل تعطشست

للموت واندفعت بجوف النار

أو أنني يا فجر قبّرة أرف

رف في جناحي بالفضاء العاري

لأردّد النغمات سكرانا

بخمر الحسن قبل تألّق الأنوار

يا ليتني بين الروابي ربوة

خضراء مشرقة على الوديان

لأكون منمبر كل طير صادحٍ

ويكون سفحي مسرح الغزلان

أو أنني وسط الحدائق جدول

ينساب بين الورد والريحان

لترفرف الأطيار فوق مياهه

سكرى ترجّع أعذب الألحان

يا ليتني طير لأسبح في الفضا

وأؤوب مغتبطاً مع الأطيار

أو بلبل لأشنّف الأسماع بالن

غم الرقيق على ذرى الأشجار

أو أنني للعود أمسي ريشة

لتمرّ بي الأيدي على الأوتار

لأبثّها شكوى الهوى فلعلّها

ترثي لحال العاشق المحتار

يا ليتني يا ليتني قمريّة

لائنّ بالإصباح والإمساء

عليّ أثير بقلب كلّ مليحة

عطفا على البؤسا من الشعراء

أو أنّني وسط الرياض خميلة

لأعطّر الأجواء بالأشذاء

أو وردةٌ صاغ الربيع جمالها

لترشّني الأصباح بالأنداء

فلكم تراءى لي الخيال حقيقة

فيخالني الرائي صريع عقار

فأفيق مذهولاً وأهتف من أنا

فأجاب مجنون بعقر الدار

يا حبّ بين يديك نفسي تشتكي

أفما كشفت غوامض الأسرار

يا حبّ أحلام الغرام جميلة

رحماك فهي قصيرة الأعمار