إلى مجدك العلياء تعزى وتنسب

إلى مجدك العلياء تعزى وتنسب

وفي ذكرك التاريخ يملي ويَكتُبُ

وفي عدلك الشرع الشريف ممثل

وفي حكمك الأمثال تتلى وتضرب

ولم يبق للإسلام غيرك ناصر

يؤيده في الله يرضي ويغضب

نَمتكَ جدود من ربيعة أصلهم

بهم فخر الحيان بكر وتغلب

أساطين مجد من سعود بن مقرن

إذا مات منهم طيب جاء أطيب

محمد عبد الله تركي فيصل

ومن عابد الرحمن مجدك أعقبوا

أولئك در المجد في السلك نظّموا

لقد ولدوا للباقيات فانجبوا

فسادوا وشادوا المجد بالدين قائما

فما وهنوا والدهر بالناس قلّب

أساس متين ركنه العدل والتقى

يد الله عنه بالعناية تضرب

بناه على الدين القويم محمد

وليس له غير الهداية مطلب

ومن نصر الله استعز بنصره

فعز وجند الله بالنصر أغلب

أجاب دعاء الشيخ لما نبت به

مواطنه حتى لقد كاد يعطب

إمام أتى من بيت علم مسلسل

توارثه عن جده الابن والأب

فوالده قاضي العيينة علمه

غزير له رأي ابن حنبل مذهب

غذى بلبان العلم طفلا ويافعاً

وأصبح في أثوابه يتقلب

تلقى عليه العلم والفكر ثاقب

يطبق بالأعمال ما كان يطلب

وما العلم إلا ما هدى الناس نوره

إلى الحق لا أسفار تتلى وتكتب

وقد خصه البارى بنور بصيرة

وعقل عن الحق الصراح ينقب

فما كاد أن يلقي إلى القوم نظرة

وكلهم عن دينه متنكب

تناقض نص الدين أفعال قومه

على أن ذاك الزيغ للدين ينسب

على حين ضل الناس بالغي والعمى

وكادت شموس الدين والهدى تغرب

وغطت منار الدين سحب ضلالة

كمثل نمير الماء غطاه طحلب

عكوف على أجداثهم يعبدونها

وكل لها في غيه متعصب

فهذاك يدعو عندها دون ربه

وهذا لها من دونه يتقرب

أتى الشيخ والإيمان يملأ صدره

على حين أن الناس للغي أقرب

فنادى فصموا عن سماع ندائه

وأقصوه عنهم خائفاً يترقب

لقد خسرت فيه العيينة منقذا

بابعاده والجهل بالعقل يلعب

ولو أن عثمان الأمير أجاره

للاح له بالعز والسعد كوكب

ولكنه أرضى الحيمدي صاغرا

وأصبح من خوف به يتذبذب

لقد كان في الإحساء جلفاً صفت له

زماناً به أهل البلاد تشعبوا

فباعوه بالدنيا فجوزوا بفقدها

وقد أغضبوا الله القدير فعوقبوا

فاضحوا وها هي بالخراب ديارهم

خوال على أطلالها البوم ينعب

وآواه في الدرعية البطل الذي

تلقاه بالإجلال وهو يرحب

محمد أصل المجد في آل مقرن

به اشتد للشيخ المبجل منكب

وبايعه في نصرة الدين والهدى

كما بايعت في وفدها قبل يثرب

هنالك عض الإصبع ابن معمر

وأصبح ينحى نفسه ويؤنب

وهيهات أن يثني مشيئة ربه

بأحكامه وهو العليم المسبب

فعاد على الدرعية الخير والغنى

وحق لأهليها بأن يتغلبوا

فشن السرايا بالسرايا مغيرة

لأهل العمى في دورهم تتعقب

وقام لهم عبد العزيز بصارم

يتمم فتحاً مده قبله الأب

وولى دهام لم يفده دفاعه

ولا مكره أو غدره والتقلب

وجاء سعود بعده بجموعة

ودان له بالسيف شرق ومغرب

فأخضع أكناف الجزيرة كلها

ولم يبق للضد المشتت مهرب

ولاحت نجوم السعد وسط سمائه

لآل سعود بالسعادة تثقب

ومن سنن الله التي في عباده

شؤونهم في دهرهم تتقلب

فكل رخاء سوف تتلوه زعزع

وكل نهار سوف يتلوه غيهب

وكل سرور سوف يعقب غصة

وكل خصيب في البسيطة يجدب

وكل دولة شادت من المجد والعلي

لها العز ثوب والسيادة مركب

فإن لم تثقفها الحوادث أخلدت

إلى الذل واستولى عليها التشعب

وجاءت إلى الأبناء عفواً فأترفوا

وغايتهم في الملك ملهى وملعب

قلوبهم شتى هواء من الهوى

إلى أن قضوا في لهوهم وتشعبوا

وكان عليه أن يرى أولياءه

ويبلوَهم كي يشكروا أو يكذبوا

فيظهر منهم كل عصر مجدد

يساعده لا وارث متحجب

ويصدق فيهم قول من هو مادح

إذا غاب عنهم كوكب لاح كوكب

وفي مصر من بعد الفرنسيس نزعة

تهب وبعد الذل للعز تطلب

تجيش بها للانقلاب مراجل

وتوقدها نيران نفس تلهب

أتاها فأصلاها الخديوي محمد

ببحران حمى ماؤها يتصبب

وكان له في آل عثمان مطمع

تقاصر عنه في المطامع أشعب

فأردى الممالك الملوك بفتكه

وظل يا رباب المناصب يلعب

يرواغ سلطان البلاد بمكره

كما راوغ الصياد بالمرك ثعلب

وما عاد والي مصر في مصر عاملا

يزال بفرمان المليك وينصب

غدا العاهل التركي وهو خليفة

وباسم أمير المؤمنين يلقب

يرى الضعف والأخطار محدقة به

وأظلم في عينيه شرق ومغرب

ففي مصر قام الأرنؤوط بدولة

ومن نجد قامت دولة تتأهب

وقد أقلقت أبناء جنكيز فكرة

تحاذر أن يحيا نزار ويعرب

فتصبح نجد دولة عربية

سيغدو لها نحو الخلافة مأرب

فقاموا يبثون الدسائس نحوها

ولم يخجلوا أن يفتروها ويكذبوا

تؤازرهم باسم الديانة عصبة

لها الدين في الدنيا احتيال ومكسب

وفرق تسد عند السياسة حكمة

تراعى وضرب الضد بالضد أصوب

وما خسر الضدان فهو غنيمة

فقد ضربوا نجداً بمصر وحزبوا

ولم يخش نجداً عاهل الترك وحده

فإن جوار الأرض في مصر أرعب

وقد صادفت دعوى فروق هوى لها

بقلب الخديوي وهو يقظان يرقب

فراح لإنقاذ الحجاز بزعمه

وباسم أمير المؤمنين يخرب

ومقصده كف الخليفة برهة

وفي نجد الجيش الجديد يجرب

وقد وقفت نجدٌ لطوسون وقفة

وكادت عليه الدائرات تدولب

فطارت له وسط الحجاز حشاشة

من الخوف حتى هاج في مصره الأب

فجهز إبراهيم باشا وجيشه

كسلسلة موصولة حين تسحب

سحائب دهمٌ والمدافع رعدها

ونيرانها وسط الفضا تتلهب

بجيش كقطر المزن عدَّاً وكثرة

إذا زل منه صيِّب جاء صيّب

بها اصطدمت آساد نجد فاثخنت

فكل سنان أو فرند مخضب

ولو قوبلوا وجهاً لوجه لبرهنوا

على أنهم نعم الكماة وأعربوا

ولكنهم في ألسن النار عزل

وهل يتقي نار القنابل أعضب

وقد يقنص العقبان والأسد دارع

كمين ولا يثنيه ناب ومخلب

هم جاهدوا حق الجهاد بعزمهم

وما استسلموا حتى أبادوا وأعطبوا

لقد لاقت الدرعية الهدم والفنا

ولكنها قامت بما كان يوجب

فأمست لدين الله لحداً مهدماً

وعاراً بتاريخ الخديوي يكتب

فوا عجباهم مسلمون وقد أتوا

بما ليس يأتي الكافر المتعصب

وهم نقموا من أهل نجد تاقهم

فِلم دمروا لما تولوا وخربوا

وكان عليهم أن يجيروا أسيرهم

فلم قتّلوا من بعد ذاك وصلَّبوا

وقد أنقذ المولى لشأن يريده

من الترك تركيا له النصر مركب

كأنّ اسمه رمزٌ لسرِّ قضاؤه

عجيبٌ ولكن عزمُه منه أعجب

أتى نجد والفوضى يعج عجيجُها

بها زال ذاك الأمن والربع مجدب

وكل دعي بالامارة يدعى

قد افترقوا ما بينهم وتشعبوا

وما عاد حتى استرجع الملك عنوة

وبالأجرب المشهور يمناه تضرب

فطَهَّرها بالسيف والسيف فيصل

به المجد يبني والترات تطلب

ولا يسلم الناجي السليم من الأذى

وآفاته ما دام في الدار أجرب

ومن بعده حاز الإمامة فيصل

فقامت به كل البلاد ترحب

وعاد به المجد القديم مؤثلا

كما قد بدا كالتبر حين يذوب

وخلف عبد الله والملك واسع

دعا بذوي الأطماع أن يتألبوا

فجاهدهم بالسف حتى أذلهم

ولكن قضاء الله للمرء يغلب

وأدى شقاق بينه وشقيقه

إلى كل ما من مثله يترقب

وما حال من يدني إليه عداته

تدس له في الشهد سما فيشرب

فأبدى عداه ابن الرشيد مكشرا

وباعده بالفعل وهو المقرب

وما فتىء الطماع يلقي شباكه

ويبسم في أسنانه وهي أنيب

وما زال حتى استحوذ الملك كله

وشن السرايا فيه تغزو وتسلب

وقد يكره الإنسان ما فيه خيره

ومعرفة الأشياء حين تجرب

ولله في آل السعود مشيئة

لكي يعرفوا من ضدهم فيحببوا

وشتان ما بين المليكين شيمة

يعمّر هذا حين ذاك يخرِّب

همُ أمَّرهم إذا تولوا بلادهم

فما فعل الأعداء حين تغلبوا

ومن يحم دين الله أيام عزه

يجره ويحفظ ملكه حين تنكب

وما فتحت عيناك إلا على علىً

من المجد لا تألو لها تتطلب

ولم يكفك الميراث حتى استعدته

وعزمك كالفولاذ بل هو أصلب

فأحييت ما عبد العزيز أقامه

على أن هذا الوقت من ذاك أصعب

وقفت أمام المستحيل تهزه

وكل يقول الفوز عنقاء مغرب

وكلك آمال وكلك عزمة

وغيرك من ذكر اسمها يتهيب

كجدك تركي الذي جاء وحده

وفي كفه من صنعة الهند أعضب

وقد أخذ المولى بيمناك مفردا

وضدك مرهوب المكانة مرعب

سريت بلا جيش سوى العزم والمضا

لك الحق هاد والشجاعة مركب

وعاجلت عجلانا بضربة ثائر

فلاقى الذي لاقى بخيبر مرحب

وأعظم ما تمنى به شيمة الفتى

وضيع بألقاب الأمير يلقب

إذا كان كافور بمصر عجيبة

فعجلان في قصر الإمارات أعجب

لقد ثكلته أمه من مؤمر

يسير به نحو المهالك منصب

فما سره لما رآك فراره

ولم يبق في الحصن المحصن مهرب

وأمست بعلياك الرياض عزيزة

وغابا به الآساد للحرب وثب

تعجب كل الناس منك وأكبروا

وحق لهم أن يكبروك ويعجبوا

هنالك آلت شمر وابن متعب

ليسترجعن الملك أو يتغربوا

ووسوس للأتراك حتى أتى بهم

إلى الموت في أرض القصيم ليعطبوا

فمرت به خمس كأعوام يوسف

مكرا مفرا لا يني وهو متعب

إلى أن قضى بالسف وهو شفاؤه

لداء به من غيظة يتعذب

هنالك عاد الحق نحو نصابه

لجور الأعادي جولة ثم يذهب

وقد كانت الإحساء للظلم مرتعاً

من البدو والفوضى تئن وتصخب

بها دخل الأتراك كالضب غارهم

ولم يغن عنهم فيه جيش مدرب

فللبدوا أرباض البلاد وريفها

وللترك ما دون الجدار محجب

يعيثون في السكان نهباً وغارة

ونهبهم جهراً إلى السوق يجلب

مشيت إليهم مشية عنبسية

ولم يحمها السوق المنيف المبوب

وما ذكر التاريخ مثلك فاتحاً

يغامر بالجند القليل فيغلب

وما ليلة الإحساء إلا شقيقة

لليلة عجلان بل الكوت أرهب

هنالك لا جند ولا عصبيَّة

لديك ونيران العدو تصوّب

فبدلتها بالخوف أمنا وبالفنا

حياة وأضحى ربعها وهو مخصب

ضربت ذوي الغايات والظلم ضربة

فتشَّتَّتهم بالسيف لما تألبوا

فقد خنسوا للهاربين ووسوسوا

ولاح لهم من بارق الطيش خلب

فلول سخاف في أوال تجمعت

يوسوس فيها الأعجم المتعرب

عدو بأثواب الصديق كأنما

تلونه في الفعل حرباء تنضب

فعادوا لكيما يستعيدون مجدهم

وهيهات أن تلقى القساور أرنب

فأضحوا لعمر الله أضحوكة الورى

وصدرك رحب بل وحلمك أرحب

فحلمك لولا أنك اليوم قادر

لظنوه عجزاً بالتجاوز يحجب

ولكن أخلاقاً سموت ببعضها

تعز على كل الأنام وتصعب

فرفرف في الإحساء عدلك شاملا

وفي الخط بات الأمن وهو مطنب

ومن قبل لم تنقم على الترك غدرهم

وقد أوشكوا أن يستباحوا وينكبوا

فواليتهم إذا خانهم أصدقاؤهم

ومالوا إلى أعدائهم وتقربوا

وما كنت في استرجاعك الإرث باغياً

وما كنت في غير العدالة ترغب

وغرت على الإسلام والحق وغيره

على كل صعب دونها تتغلب

علاك إلى عليا الكواكب أقرب

ومجدك من شم الشوامخ أصعب

ومازلت بالنصر العزيز مؤيداً

وشخصك في نفس الرعايا محبب

ولكن أعداء السلام تألبوا

وما اتعظوا والجهل جهل مركب

يحيكون في طي الخفاءِ دسائساً

تدب لها في وسط حائل عنكب

فمن حانق والحقد ملء إهابه

ومن خائف في شأنه يترقب

لهم من بني الأعداء والله حافظ

سموم حوتها بالدسائس عقرب

هم القوم خابوا فيالحروب وشردوا

وفي شمر للإنتقام تجلببوا

إذا ما نشرت الأمن في الناس أقلقوا

وإن جئت تبغي السلم بالحلم أحربوا

ولكن فرند السيف خير محكم

به الحق يعلو والحقيقة تخطب

فشمرت في عزم ورفق ورحمة

كأنك فيهم والد أو مؤدب

مشيت إلى وكر الدسائس حائل

لأِنَّ اجتثاث الأصل أولى واوجب

فمن شاء حرباً فهو قاتل نفسه

ومن شاء سلماً نال ما يتطلب

فأعتقت أرواحاً لديهم رخيصة

ولولاك كادت للجهالة تذهب

دخلت دخول الفاحين مهللا

تطمنهم من خوفهم وتطبب

ملكت فميا عاقبتهم بل وصلتهم

بوقت يكاد النصر بالحزم يلعب

وما سمعت أذاني قبلك فاتحاً

يفيض على الأعداء خيراً ويسكب

أبحت لهم جوداً ولم تستبحهم

فأصبحت منهوباً وأعداك تنهب

ولو ئشت قابلت الفعال بمثله

ونال جزاء الفعل عات ومذنب

هنالك قامت في الحجاز دعاية

تبث بستر الجنس والدين تحجب

يقوم بها بين الحطيم وزمزم

زعيم إلى بيت النبوة ينسب

وقد وقف الإسلام أحرج موقف

وكل عدو ضده متألب

ولكنها للأشعبيين فرصة

ولو فكروا في أمرهم لتهيبوا

وأغرتهم أحلامُ ملكٍ قوامها

وعودٌ على ظهر القراطيس تكتب

دعوا لأفاعيل الشقاق فطبلوا

وللعرب فيما يزعمون تعصبوا

فما هي إلا برهة ثم أصبحوا

تقاذفهم أيدي الوعود وتكذب

لقد وجدوا أن الشراب مصحف

سرابا وإن الملك حلم مذهب

وكانوا بأموال الأجانب رتعاً

فأسقط في أيديهم حين سيبوا

فظلوا ملوكاً في المظاهر والسمى

إذا الجند يفنى والخزينة تنضب

لقد صدّق الشسخ المعمم حلمه

فلاقى الذي لاقت من السيل مأرب

وأصبح في البيت الحرام بعسفه

يصول عل الحجاج يسبى ويسلب

فضجت له أم القرى ومقامها

وضاقت بأهليها من الظلم يثرب

وربك بالمرصاد يمهل عبده

يعاقبه في فعله ويؤدب

قد اغتر ذاك الشيخ من ضعف شعبه

وأسمائه اللاتي بها يتلقب

وحلمك عن أخطائه وهو معتد

يوتر من أعصابه ويصلب

تلاقيه في تشكيره متبسماً

ويشرق منك الوجه حين يقطّب

فعنًّ له تفسير أضغاث حلمه

بنجد وفيها جنده يتدرب

ومن غره لين الثعابين فاعتدى

عليها فبالسم الزعاف سيعطب

فأرسل عبد الله بالجيش غازياً

يحف به من قاذفي النار موكب

ليفتح أسوار الرياض وبعدها

إلى البحر تغريه الأماني فيطرب

وما كان أن يلقى بتربة أهلها

وقد كبروا عند اللقا وتأهبوا

فداخله الرعب المخيف وجنده

تولوا على أدبارهم لم يعقبوا

فما اهتز حلم أنت شامخ طوده

بوقت به ذو الحلم لا شك يغضب

سكوت أراب الناس حتى تساءلوا

وراحوا يظنون الظنون فأسهبوا

أيشمخ مغلوب ويهدأ غالب

ويصفح مظلوم ويترك مذنب

دعوتهم لما تمادوا لمجمع

ليظهر من عن رشده يتنكب

فجاؤوا رياء يعرضون شروطهم

على أنها للمستحيلات أقرب

وحلمك عمَّن لا يراه مذلة

وعفوك قبل الاقتدار مكذب

وحتام هذا الحلم والبغي ظاهر

وفيم التراخي والعدى تتصلب

ألم يمنعونا عن شعائر ديننا

كما صد عنها القرمطي المخرب

هنالك أضحى السيل قد بلغ الزبى

لقوم بأرواح العداء تشربوا

ومالك فيهم مأرب قبل بغيهم

فعادوك حتى كدت بالصفح تذهب

وما كدت تعطي الإذن قوماً تأهبوا

لحربهم حتى استجابوا ورحبوا

فراحوا كأن السيل مسرى جموعهم

وقد شمروا للملحمات وأجلبوا

كأن ارتفاع النقع فوق رؤوسهم

سحاب أحم طبق الجو هيدب

كأنهم إن هللوا ثم كبروا

رعود إذا حنت تصم وترعب

صداها دوي للبنادق مرجف

وخيل على تلك السهول تدبدب

وفرت جنودُ ابنِ الحسين أمامهم

سراعاً وهل من دون بطشك مهرب

وبالطائف المشهور طافت جموعهم

وكان منيعاً لا ينال ويصعب

ولكنه الرعب المهيب كأنما

قلوبهم من هوله تتكهرب

ولم يبق للشيخ المتوج مهرب

سوى البحر إذ أواه في اليم مركب

وراح قد استوعى ملايينه التي

جباها وأضحت في الصفائح توعب

وألقى على تلك البطائح نظرة

يفيض عليا قلبه المتلهب

وأبصرت ما جرت عليه فعاله

ولا شك أن الظلم للذل يعقب

وجاءت جنود الله للبيت خشعاً

تطوف به تدعو الإله وتطلب

ملكت فأنقذت البلاد وأهلها

وكانت بنار الإضطراب تلهب

فهذاك مقتول وهذاك قاتل

وهذاك منهوب وذلك ينهب

وفي كل قطر بل وكل قبيلة

إغارات يذكيها العمى والتعصب

فما هي إلا برهة ثم أصبحت

بعدلك والأمن العميم مطنب

وكل شقاق عاد وهو تألف

إلى الله في إعزازه يُتَقرب

فيا أيها الملك الذي اتجهت له

ضمائرنا تبدي مناها وتعرب

محط المنى للمسلمين جميعهم

وحامي الحمى تحنو عليه وتحدب

وأبصارهم ترنو إلى قبلة الهدى

تصعدها أنى غدت وتصوب

فأنت إذا شرقت بالأمر شرقوا

وأنت إذا غربت بالنهى غربوا

ملكت قلوب الناس قبل جسومهم

وسيان فيهم مبعد ومقرب

فدم سالماً للدين والعرب معقلا

إلى مجدك العلياء تعزى وتنسب