جار الحبيب على الكئيب ببعده

جارَ الحبيب على الكئيب ببُعده

فغَدا حليفَ صبابةٍ من بَعْده

وغدا يعذَّبُ قلبه وفؤادُه

بغرامهِ وبهجره وبصدِّه

فالجسم منه في تهامةَ نازلٌ

والقلبُ منه غائبٌ في نجده

نُورٌ إذا رأتِ الغزالةِ وجهه

ترتدُّ منه مثلَ فاحِم جَعْده

ظبْيٌ مراعيه الحشا عجباً له

ردَّ الشموس بنوره وبِسَعده

هذا الذي يَسْبِى العقولَ بلفظه

وبلحظِه وبدرِّه وبوَرْدهِ

وبخَصْره وبنحرِه وبثغرِه

وبهجرِه وببُعدِه وبقدِه

وبدلِّه ودلاله وجماله

ومَلالِه وكماله وبِنَهدِه

وبنُبله وبمَطْله وبعَدله

وبجوره وبنور جَوهر عِقْده

وبجيدِه وبحُسْنه وبطرْفه

وبخاله وبفَوْدِه وبجُنده

عجباً لطرفٍ يَكْلُم الأحشاءَ

والأكبادَ وهْو مزمَّلٌ في غِمْده

يُصْمِى قلوب العاشقين إذا بدا

أو إن نثنَّي في غلائل بُرْدِه

حازَ المحاسنَ كلَّها في وصفِه

وأنا أهيمُ بحبِّه وبوجدِه

لا زالَ يمنحنى البعادَ ولم يَجُدْ

للصبِّ من هزلِ الكلام وجدِّه