جرح الناي

(إذا لم أجد شيئاً يقلقني،

فهذا بحد ذاته يقلقني..!)

شوبنهاور

في ذروةِ

الشّوقِ ما يكفِي من القلَقِ

حتّى تُراوغَـني في ليلهِ طُــرُقِـي

في ذروةِ

الشّوقِ أُحْيِي الآنَ ذاكِـرةً

لا يَحتوِيهَا بيَاضٌ ضَجَّ

في وَرقِـي

كم نجمةٍ

في سماءِ الشكّ تُلهمُنِي

حرفاً يُضيءُ سطـورَ البوحِ في الغسقِ

كم دمعةٍ

ألهبَتْ أمْساً يُراوِدُنِي

فصارَ جرحي إِليَّ الآنَ مُنطَلَقِي

أعانقُ

التيهَ في مرآةِ أسئلتي

وجهاً ملامِحُهُ تقتَاتُ منْ مِزَقِي

تاريخُ

أُغنيَتِي نزْفٌ تُـرتِّلُهُ

عينايَ، حينَ تُصاغُ الريـحُ

منْ قلقِي

أطـوِي

الجراحَ وفي إيقاعِهَا نغَــمٌ

يبتزُّنِي ما تبقّى فيهِ منْ رمَــقِ

لم أجـرَحِ

النايَ.. قبل اليومِ فِي لُغتي

حتّى تمشّتْ على أنغامِهِ حُـرقِـي

وكلّما فُتِحَتْ

فِي الرّيحِ نافــذَةٌ

تطايَـرتْ كلماتُ الحُـزنِ من فَرَقي

أرتّـبُ

الشّجنَ الممتـدّ فِي لُغتي

ملءَ الغيابِ.. وملءَ الدّمعِ والأرقِ

وكلّما لاحَ

لِي فِي الأُفْـقِ مَوجُ هَـوىً

أيْقَنتُ أنّ خـلاصَ الروحِ فِي الغَـرقِ

لم يبقَ

لي شغفٌ تصطادُنِي يـدهُ

وقد تـرنّـحَ منْ إعْيَائـهِ ألَقِـي

أراودُ الليلَ مهوُوساً بنشوَتِهِ

وأقتفي نجمةَ الأحـلامِ في الغسَقِ

بعضٌ منَ

الحـبّ يكفِي لاشْتعالِ دمِـي

بهِ تضيءُ شُمـوسٌ ضَمَّهَا أفُقِي

لتمنحَ

الشوقَ معنىً غيرَ مرتبكٍ

وإن تشَكّلَ هذا البوحُ من قَلَقِ.

شتنبر 2018