ما بال مصر وقد جلت عن بأسها

ما بالُ مصرَ وقد جلتْ عن بأسِها

وافترَّ ثغرُ البشر عن عَبَّاسِها

وروتْ حديثَ الجود عنه مثلما

روتْ ارتفاعَ النيل عن مقياسها

ما بالها حيث الأماني قد وفتْ

بابَ الرجا من بعد شدة يأْسِها

ما بالها حيث الحفيدُ يَسُوسُها

ويزيد تشييداً لرفعِ أساسِها

شبلٌ تأسَّدَ حيث ساد كأصله

هل تترك الآرامُ حِفظ كِناسِها

إن سار نَحوَ الحج خلَّف وحشةً

أو عاد عادتْ مصر في إيناسها

فلسانها بالشكر يلهجُ والثنا

والشكر للنعما أجل لباسها

لا غروَ أن دانت له مصر فقد

أسدى له طُسْنٌ محبةَ ناسها

ربحتْ تجارةُ من خزائن ماله

قلبُ الرعية وهو من حُرَّاسها

صدرٌ وبالإخلاص مفردُ عصره

يشفى صدورَ الناس من وسواسها

لما رقى العلياءَ رقّ لحالها

وصفتْ وراقتْ منه خَمرة كأسها

بُشرَى الأهالي إذْ وفاها سَعدُها

في فَرطِ يقظتها وفقدِ نعاسها

قد كان يوم فدائه شبانها

تاريخ طرد مرائها ومراسها

جادت به مصر وحازتْ سُؤْددا

تبدو به إذ كان نتجُ غِراسها

هو من بينها حيث والى برها

فلدى الولاية لا تقل له واسها

فبجِده يحيى مآثرَ جَدّه

ويمدُّ بالتأييد قوةَ باسها

بالألمعية لا يَسامُ ذكاؤه

إن شئتَ قِسهُ بقسّها وإياسها

وسلالةٌ علويةٌ هو دوحها

وبيانُ معناها بديعُ جناسها

وفصاحةٌ عربيةٌ هو ربها

وبراعةٌ منتهى نبراسها

وعقيدةٌ مما يشينُ سليمةَ

تأبى طموحَ النفس في أهجاسها

هو جسمُ مصر وفردُ جوهر رُوحِها

فاعجبْ لفردٍ وهو جمعُ حواسها

تزهو به مصرُ كيانع جَنةٍ

تزهو بروض شقيقها أو آسها

يرمى العفاةَ بطارفٍ وبتالدٍ

رمى الكماةِ السهمَ عن أقواسها

إن أحَبستْ وقفاً عليه حبَّها

فالخيرُ كل الخير في إحباسها

يوم الولاية كان يومَ مسرةٍ

فرحتْ به أممٌ على أجناسها

فشريعةُ الإسلام زاد فخارها

وتشيدت بالعز بعدَ دراسها

أولو العهدِ به تقوّى جأشها

أمناً وقد شِدْتَ عُرى استئناسها

ماذا مديحي وهو بدرٌ طالعٌ

يرقى من الجوزاء ذروةَ راسها

وإذا المروءةُ قابلتْهُ بأصلها

وفتْ النتيجةُ طبق شكل قياسِها

وسيرتقي في الفخر أقصى شأوه

إن تُضرب الأخماسُ في أسداسها

ما جل قصدي في قصيدي كثرة

بل زينةُ الأبيات سبكُ جناسها

حسبي القبولَ إجازةً لقَصِيدةٍ

أرجُ القبول يفوحُ من أنفاسها

هي بنتُ هذا الفكر عباسيّةٌ

نورُ الخِلافَةِ لاحَ في قرطاسها